وأمّا إن كانت من التبرّعات كالهبة والعتق والوقف وأمثالها ، أو كانت من المعاوضات التي فيها المحاباة ، فقد وقع الخلاف في أنّها من الأصل وإن لم يجز الوارث ، أو متوقّف كونها من الأصل على إجازة الوارث مثل الوصيّة ، فإن لم يجز كان من الثلث؟
فمن الأولى والأرجح أن نقدّم أمورا لتوضيح المقام :
الأوّل : كما عرفت أنّ المراد من « المنجّز » هو ما يقابل الوصيّة ، بمعنى أن تكون العطيّة التي يعطيها ، أو المعاملة المحاباتيّة التي ينشأها ، أو فكّه لملكه أو إبراء ذمّة مشغولة له ، سواء كانت مشغولة بمال أو حقّ له غير معلّق على موته ، بل يتحقّق ما أنشأه من الأصل على أحد القولين ، ومن الثلث على القول الآخر في حال حياته وليس موقوفا على موته ، بخلاف الوصيّة فإنّ الموصى به لا يوجد للموصى له إلاّ بعد موت الموصي. فبناء على هذا عتقه في حال المرض وهبته ووقفه وصدقته وبيعه المحاباتي وصلحه بلا عوض أو مع عوض أقلّ ممّا يصلح عليه وإجارته المحاباتيّة وكلّ معاوضة محاباتيّة وجميع تبرّعاته على أنحائه ممّا يوجب ضررا ونقصا على الوارث ، وكذلك إسقاط حقوقه التي تعاوض بالمال وإبراء ذمّة مديونه ، وأمثال المذكورات ممّا ليس منشأه معلّقا على الموت ويكون إضرارا بالوارث ، يكون داخلا في محلّ النزاع والخلاف.
ثمَّ إنّ ها هنا موارد وقع الكلام في أنّها داخلة في محلّ النزاع أم لا؟
منها : شراء من ينعتق عليه كالعمودين ـ أي الآباء والأمّهات ـ أو المحارم من النساء ، فمن جهة يمكن أن يقال هذه المعاملة ليس فيها محاباة ، وإنّما المبيع الذي اشتراه يساوي ثمنه ، وليس عند العرف خسارة وضرر ، ولذلك ليس فيها خيار غبن ، والضرر الذي يتوجّه على الورثة من ناحية حكم الشارع بانعتاق هؤلاء ، وإلاّ لو فرضنا عدم