هذا الجعل من قبل الشارع لم يكن ضرر عليه في البين ، ولكن حيث أنّه يظهر من روايات الباب أنّ مناط عدم النفوذ في الزائد على الثلث على القول به هو الإضرار بالورثة ، ففي ما روى الكليني أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عاب من أعتق مماليكه ولم يكن له غيرهم وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ترك صبية صغارا يتكفّفون الناس ». (١) شاهد واضح على أنّ مناط المنع في الزائد على الثلث هو الإضرار بالورثة ، ولا شكّ في أنّ في شراء من ينعتق عليه إضرار بالورثة ، فيكون داخلا في محلّ الخلاف ، لوجود المناط فيه.
منها : ردّ الهبة والوصيّة والصدقة إن كان من أهلها.
منها : العفو عن القصاص مع إمكان أن يصالح هذا الحقّ بالمال. ولكن الإنصاف أنّ هذا من عدم جلب النفع للورثة لا من الإضرار عليهم ، لأنّ المجعول لوليّ الدم ابتداء هو ليس حقّا ماليّا بل حقّ القصاص فقط ، ولكن له أن يصالح بالمال فلو لم يحصل مالا وأضرّ بهم وإلاّ لو كان ذا صنعة مهمّة مثل أن يكون خطّاطا من الدرجة الأولى ، كلّ قطعة من خطّه يباع بقيمة مهمّة غالية يمكن أن يحصل أيّام المرض مالا مهمّا يجب أن يقال بوجوب الشغل بتلك الصنعة ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
منها : الإتلاف الموجب للضمان ، فلو تعمّد إتلاف مال الغير فيكون ضامنا لما أتلف ، ولا شكّ في أنّه إضرار بالورثة ، فهل يخرج الضمان من الأصل أو الثلث؟ ومثل أنّه أفطر في نهار رمضان متعمّدا فيجب عليه الكفّارة فيما إذا تعيّن عليه الكفّارة الماليّة من إطعام ستّين مسكينا أو تحرير رقبة مؤمنة ، وهكذا الحال في سائر الكفّارات الماليّة فهل يكون من الأصل أو من الثلث مثل كفّارة حنث الحلف النذر؟
أقول : محل البحث هو إنشاء تبرّع ابتداء أو في ضمن معاملة محاباتيّة ، سواء كانت عقدا أو إيقاعا ، فهل مثل هذه المعاملات تنفذ من الأصل أو من الثلث؟
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٨ ، باب أنّ صاحب المال أحقّ بماله ما دام حيّا ، ح ١٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٨٣ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ١٧ ، ح ٩.