والدليل الثالث على عدم صحّة الوصيّة للكافر الحربي هو عدم إمكان العمل بهذه الوصيّة شرعا ، وهذا يدلّ على فسادها ، إذ لا معنى للفساد في أبواب المعاملات إلاّ عدم لزوم ترتيب الأثر عليها وجواز عدم الاعتناء بها. أمّا عدم وجوب العمل بهذه الوصيّة بل عدم جوازه هو أنّ الحربي لا احترام لماله ولا لنفسه ، فلا يجوز أو لا يجب إعطاء ما أوصى له إليه.
وإن شئت قلت : لو جازت الوصيّة للحربي فإمّا يجب على الوصي الدفع إليه ، وهو ممنوع ، لجواز أخذه وتملّكه ، أو لا يجب. وهو أي عدم وجوب الدفع إليه عليه من لوازم الفساد.
وخلاصة الكلام أنّ الأظهر والأحوط عدم الجواز ، كما ذهب إليه المحقّق ، قال في الشرائع : وفي الحربي تردّد ، أظهره المنع (١). والعلاّمة في القواعد قال : والأقرب صحّة الوصيّة للذمّي وإن كان أجنبيّا ، والبطلان للحربي (٢). وقال في الإيضاح : والصحيح ما اختاره المصنّف ، وهو جوازها للذمّي مطلقا والبطلان للحربي والمرتدّ. (٣) والشيخ في الخلاف قال بجواز الوصيّة للذمّي دون الحربي (٤). ويستفاد من جامع المقاصد أيضا أنّه قائل بعدم الجواز للحربي. (٥)
فرع : إطلاق الوصيّة يقتضي التسوية بين من أوصى لهم ، فلو أوصى لأولاده تشملهم بالسويّة فإذا كانوا ذكورا وإناثا فنصيب الإناث مثل نصيب الذكور ، لوحدة السبب لأنّ السبب لاستحقاق الموصى به هي الوصيّة ، وفي ذلك كلّهم سواء ، لأنّ
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٥٣.
(٢) « قواعد الأحكام » ج ١ ، ص ٢٩٣.
(٣) « إيضاح الفوائد » ج ٢ ، ص ٤٨٧.
(٤) « الخلاف » ج ٤ ، ص ١٥٣ ، المسألة : ٢٦.
(٥) « جامع المقاصد » ج ١٠ ، ص ٥٢.