فرضنا موت الموصي في حال عدم اتّصافهم بهذه الصفات.
وفيه : أنّ هذا خلف بالنسبة إلى الفرض ، لأنّ المفروض أنّ الوصي واجد لهذه الصفات حال الموت ، وقد عرفت أنّ هذه الوجوه وإن كانت لا تخلو من نظر ومناقشة ، ولكن الإنصاف أنّ ظاهر أدلّة اشتراط الوصي بالصفات المذكورة هو كونه متّصفا بها حال الإيصاء إليها ، بمعنى أنّه لا يجوز ولا يصحّ الإيصاء إلى الصبيّ غير البالغ ، فلو كان حال وقوع عقد الإيصاء إليه غير بالغ يصدق على ذلك العقد أنّه إيصاء إلى غير البالغ ، فيكون منهيّا عنه مثل هذا الإيصاء فيكون باطلا.
فالأظهر ما ذهب إليه المحقّق قدسسره من أنّ صحّة العقد مشروط بوجود هذه الصفات في الوصي حال العقد. (١)
فرع : يجوز للوصيّ على الصغار الأيتام المسمّى باسم « القيّم » أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كان لعمله أجرة عرفا وكان القيّم فقيرا ، أمّا إذا كان غنيّا ففيه إشكال ، والأصل في ذلك قوله تعالى ( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) (٢).
المقصود من ذكرنا الآية ها هنا الجملتان الأخيرتان : أي قوله ( وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) ، فالله تبارك وتعالى بيّن أنّ وليّ الصغير واليتيم الذي يصلح أمورهم ويدبّر شؤونهم يجب عليه أن يختبر اليتيم ، فإن رأى منه أنّه بلغ السن الرشد فيجب عليه أن يدفع إليه أمواله ، وما دام متشاغلا بحفظ أموالهم وإدارة شؤونهم فله أن يتناول من ماله بقدر قوته إن كان فقيرا ، وأمّا إن كان
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٢) النساء (٤) : ٦.