وبعبارة أخرى : يرجع الأمر إلى أنّ شرط صحّة العقد هل هو وجود هذه الصفات حال العقد ، أو من زمان موت الموصي إلى آخر زمان إنفاذها ، بل من الممكن أن يكون الشرط وجود هذه الصفات حال الإنفاذ فقط ، لا قبله ، ولا حال العقد ، ولا حال موت الموصي ، فلا بدّ من مراجعة أدلّة اعتبار هذه الشروط ولا يبعد أن يكون ظاهرها اعتبارها حال الإنفاذ فقط لمناسبة الحكم والموضوع.
الثاني : أنّ التفويض إلى من ليس متّصفا بهذه الصفات منهيّ ، والنهي يدلّ على الفساد إن كان متعلّقا بركن العقد ، ولا شكّ في أنّ الموصى إليه ركن في عقد الإيصاء بالولاية.
وفيه : أنّ النهي المتعلّق بالمعاملة إن كان نهيا غيريّا وأفاد الإرشاد إلى المانعيّة ، فلا محالة يدلّ على الفساد ، كما أنّه لو كان نفسيا مولويّا وتعلّق بالمعنى الاسم المصدري أي النقل والانتقال في باب المعاوضات مثلا ، فأيضا يدلّ على الفساد كما حقّقنا المسألة في كتابنا « منتهى الأصول » (١).
ولكن العمدة في المقام هو النهي عن الإيصاء إلى غير البالغ أو الفاسق أو الكافر أو المملوك أو غير العاقل مطلقا ، فلو كان كذلك فهذا الدليل يدلّ على لزوم وجود هذه الصفات في الوصي حال العقد ، ولكن هذا أوّل الكلام ، لأنّه يمكن أن يكون متعلّقا بالإيصاء إلى الصبيّ حال موت الموصي أو حال إنفاذ الوصايا. وأمّا لو لم يكن ذلك الوقت صبيّا مثلا فلا إشكال ، فهذا الدليل لا يتمّ إلاّ مع الاستظهار عن الأدلّة أنّ النهي متعلّق بالإيصاء إلى فاقد هذه الصفات حال العقد ، وهذا أوّل الكلام ، فيكون هذا الاستدلال من قبيل المصادرات.
الثالث : أنّ الوصي يجب أن يكون ـ متى مات الموصي ـ أهلا وقابلا للعمل وإنفاذ الوصايا ، وغير البالغ والمجنون والمملوك والكافر ليسوا قابلين لإنفاذ الوصايا لو
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ٤١٩.