فيصحّ هذه الوصيّة ، لاجتماع الشرائط في وقتها ، وهو حال الوفاة.
ولا ينبغي أن يتوهّم أنّ القول الأوّل الذي مفاده اجتماع الشروط حال الوصيّة معناه صرف وجود هذه الشروط في ذلك الوقت وإن لم يبق بعد ذلك أو ارتفع بعضها أو جميعها ، بل لا شكّ في لزوم اجتماع الشروط حال الإنفاذ ، لأنّ الاعتبار بلحاظ حال الإنفاذ.
فالكلام في الحقيقة يرجع إلى أنّ وجود هذه الشروط حال الإنفاذ يكفي ، أو يلزم أن يكون حال الوصيّة موجودة وباقية إلى زمان الإنفاذ ، أو يكفي أن تكون موجودة حال الموت إلى زمان الإنفاذ ، فاجتماعها حال إنفاذ اتّفاقي لا خلاف فيه فإنّ أحدا لا يقول وليس له أن يقول إنّ الوصي لو كان حال إنشاء العقد مسلما عادلا عاقلا حرّا ، ثمَّ صار حال الإنفاذ كافرا أو فاسقا ومجنونا وعبدا مثل أن كان حال العقد حرّا ومن أهل الجزية ثمَّ خالف شروط الجزية فاسترقّه المسلمون.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ الأقوال في هذه المسألة ليست أربعة أو ثلاثة كما توهّمه بعض ، بل اثنان : أحدهما : اجتماع الشروط من حال العقد إلى زمان الإنفاذ ، الثاني : كفاية اجتماع الشروط من حال الموت إلى حال الإنفاذ.
وقال في الشرائع : والأوّل أشبه. (١) وترجيح هذا القول لوجوه :
الأوّل : أنّ هذه الشروط شروط صحّة العقد ، وما لم يوجد الشرط لا يوجد المشروط ، فعند انتفاء جميعها أو بعضها ينتفي الصحّة.
وفيه : أوّلا أنّ هذه الشروط شروط لكونه وصيّا لا لصحّة العقد ، فيمكن أن يكون العقد صحيحا ، ولكن تأثيره في صيرورته وصيّا بالفعل يكون موقوفا على كونه متّصفا بهذه الصفات من حين موت الموصي إلى آخر زمان إنفاذ هذه الوصايا وإن لم يكن حال العقد متّصفا بها.
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٥٧.