قلنا من حجّية الظهورات والمتفاهم العرفي ولو كان بتوسّط القرائن الحاليّة أو المقاليّة. مثلا لو كان الموصي خبّازا ومرض ، فأوصى بإعطاء الحنطة الموجودة عنده لولده أو لأخيه ، فبرء وطحنه ثمَّ قبل أن يخبزه مات فجأة ، فالإنصاف أنّ فعله في هذا الفرض ظاهر في الرجوع ، كما أنّه لو قال : اطحنوه ولكن هناك قرائن على أنّه يريد بذلك الفعل مساعدة أخيه الضعيف لكي يسهل عليه الأمر ، فيدلّ هذا على بقاء الوصيّة وعدم الرجوع.
الأمر الثاني
في الموصي
فرع : يعتبر في الموصي البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والرشد ، والحرّية ، لاعتبار هذه الأمور في جميع المعاملات إجماعا ، مضافا إلى أدلّة أخرى مذكورة في كتاب البيع.
أمّا البلوغ : فلأنّ الصبي غير البالغ مسلوب العبارة ، فلا اعتبار بإنشائه كسائر معاملاته ، سواء كانت من المعاوضات أو كانت من الهبات والعطايا.
نعم وردت روايات في صحّة وصيّة الصبي إذا بلغ عشرا وإن لم يحتلم ، وفي بعضها صحّة وصيّته وإن لم يدرك ومطلق من حيث مقدار السنّ ، وفي بعضها صحّة وصيّته إن بلغ سبع سنين ، ولكن أكثر الروايات الواردة في هذا الباب تقيّد صحّة وصية الغلام ببلوغه عشر سنين.
فمنها : رواية محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « إنّ الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيّته لذوي الأرحام ، ولم يجز للغرباء » (١).
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٢٨ ، باب وصيّة الغلام والجارية. ، ح ٢ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٩٧ ، باب الحدّ الذي إذا بلغه الصبيّ جازت وصيته ، ح ٥٤٥٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨١ ، ح ٧٢٨ ، باب وصيّة الصبي والمحجور عليه ، ح ٣ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٢٨ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٤٤ ، ح ١.