التحصيل إذا كان المال في بلد آخر فوق ثلاثة أيّام ممّا يحتاج إلى المسافرة والذهاب والإياب ، وعليه فلو كان المال حاضرا عنده لا يجوز التأخير أصلا ولا إمهال في البين ، وهذا مقتضى مراعاة الحقّين : حقّ الشفيع ، وحقّ المشتري بالمطالبة بماله.
ولكن فيه : أنّ ظاهر الرواية جواز تأخيره الإعطاء بعد ما قدم ثلاثة أيّام ، فلا يمكن أن يكون إمهالا للتحصيل.
إلاّ أن يقال : إنّ هذه الثلاثة أيّام بعد القدوم من السفر أيضا لأجل تنظيم أموره ، فإنّ المسافر ربما تختلّ بعض أموره ، فلذلك أوجب عليه الوفاء بعد ثلاثة أيّام ، وإلاّ فلا إمهال في البين إن كان المال حاضرا عنده ولا يحتاج إلى التحصيل وإلى المسافرة ، ويجب الموافاة فورا.
نعم المراد من الفور هي الفوريّة العرفيّة بدون مماطلة.
ثمَّ إنّ شمول إطلاق المسافرة لما إذا طالت لبعد ذلك البلد أو لجهة أخرى ، بحيث يتضرّر المشتري بهذا التأخير ، مشكل جدّا ، بل الظاهر سقوط حقّه. وادّعى في الغنية إجماع الطائفة على سقوط هذا الحقّ في تلك الصورة.
هذا ، مضافا إلى ما تقدّم من أنّ ثبوت هذا الحقّ مخالف للأصل وعمومات سلطنة المالك على ماله ، مع عدم كون عمومات الشفعة في مقام البيان من هذه الجهات ، فليس لها إطلاق يرفع الشك.
فرع : ويثبت هذا الحقّ للغائب كما يثبت للحاضر في بلد البيع. وادّعى الإجماع على ذلك في الخلاف (١) والتذكرة (٢). ويظهر من الغنية أيضا نفي الخلاف من
__________________
(١) « الخلاف » ج ٣ ، ص ٤٣١ ، المسألة : ٥.
(٢) « تذكرة الفقهاء » ج ٢ ، ص ٥٩٥.