فرع : وقع الكلام في أنّه لا بدّ وأن يكون القبول بعد الوفاة ، أو يصحّ أن يكون في حال حياة الموصي ويتمّ به العقد؟ بعد الفراغ عن لزوم القبول في عقد الوصيّة ـ وأنّه أحد ركني العقد إلاّ فيما إذا كانت الوصيّة تمليك عنوان عامّ كالعلماء والسادات أو كانت في مصلحة المسجد أو قنطرة أو رباط ينزل فيه المسافرين والحجاج والزوّار ـ وقع الكلام في أنّه لا بدّ وأن يكون القبول بعد الوفاة ، أو يصحّ أن يكون في حال حياة الموصي ويتمّ به العقد؟
قال في الشرائع : ولو قبل قبل الوفاة وبعد الوفاة آكد وإن تأخّر القبول عن الوفاة ما لم يرد (١).
وقال في القواعد ، بعد قوله : ويفتقر إلى إيجاب وقبول بعد الموت ولا أثر له لو تقدّم (٢).
وقال في جامع المقاصد في توجيه كلام العلاّمة قدسسره لأنّ الإيجاب في الوصيّة إنّما تعلّق بما بعد الوفاة لأنّها تمليك بعد الموت ، فلو قبل قبل الموت لم يطابق القبول الإيجاب (٣).
ولكن أنت خبير بضعف هذا التوجيه ، لأنّ القابل يقبل ما أنشأه الموجب ، فيقبل في المفروض ملكيّته بعد الموت التي أنشأها الموصي ، فزمان إنشاء القبول وإن كان في زمان حياة الموصي ولكن المنشأ بهذا القبول هو التملّك بعد الموت ، والمناط في مطابقة القبول والإيجاب هو أن يكون القبول هو قبول نفس ما أنشأه الموجب من غير زيادة ولا نقيصة.
مثلا لو أنشأ الموجب تمليك الغنم الأبيض والقابل أنشأ قبول الغنم الأسود ، فلا تطابق بين القبول والإيجاب ، لأنّه أنشأ شيئا والقابل قبل شيئا آخر ، واتّحاد زماني الإيجاب والقبول ليس شرطا في العقود ، بل دائما يكون القبول متأخّرا عن الإيجاب ،
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٤٣.
(٢) « قواعد الأحكام » ج ١ ، ص ٢٩٠.
(٣) « جامع المقاصد » ج ١٠ ، ص ١٠.