فرع : لو مات الموصى له قبل أن يقبل ، فتارة يكون موته في حياة الموصي ، وأخرى بعد موته. فإن كان بعد موته ، فلا شكّ في أنّ وارثه يقوم مقامه في أنّ له القبول والردّ ، لأنّ هذا حقّ له ، وما تركه الميّت من حقّ أو مال فلوارثه ، فيكون للوارث حقّ القبول والردّ. وإنكار كون قبول الوصيّة وردّها حقّا للموصى له مكابرة ، إذ الحقّ عبارة عمّا هو مجعول شرعا رعاية لذي الحقّ ، بحيث يكون له إسقاطه أو أعماله أو عدم إعماله.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ القابلية للإسقاط خاصّة شاملة للحقّ بحيث عرّف به فيقال : الحقّ هو ما كان قابلا للإسقاط ، وهاهنا كون القبول للموصى له ليس قابلا للإسقاط ، فلو قال الموصى له : أسقط حقّ هذا ، لا يسقط. فليس مالا ولا حقّا كي يرثه الوارث. فإذا مات الموصى له يكون حال الوارث بالنسبة إلى هذه الوصيّة حال الأجانب ، وبناء على هذا يكون القبول وعدمه من الأفعال التكوينيّة التي مباح للموصى له ، وقد يعرض عليه سائر الأحكام الخمسة التكليفيّة. هذا ممّا يمكن أن يقال.
ولكن فيه نظر واضح ، لأنّ كون القبول حقّا شرعيّا أمر واضح ، فإن لم يكن قابلا للإسقاط فليست الخاصّة شاملة بحيث تشمل جميع أفراد الحقّ ، وعلى كلّ حال يقوم الوارث مقام مورّثه في إعمال هذا الحقّ فتكون الوصيّة له.
وأمّا إن كان موت الموصى له في حال حياة الموصي ، فإن قلنا إنّ حقّ القبول والردّ ثابت للموصى له حتّى في حال حياة الموصي ، فيكون الحكم مثل الصورة السابقة ، لأنّه ينقل هذا الحقّ بعد موت الموصى له إلى وارثه. وأمّا إن قلنا بأنّ قبول الموصى له في حال حياة الموصي وكذلك ردّه لا أثر له ، فيكون لغوا ، أي لا حقّ له ، فليس للإرث موضوع فيكون الوارث أجنبيا ، ولا مجال للقول بأنّه يقوم مقامه في القبول والردّ.