الحوالة يقتضي انتقال ما في ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه وأن تكون ذمّة المحال عليه مشغولة للمحتال بدل ذمّة المحيل ، وأمّا جواز المطالبة فورا فليس من مقتضيات عقد الحوالة ، وإنّما هو من آثار نفس الدين لو لم يكن مؤجّلا أو مشروطا بعدم المطالبة والقبض إلاّ بعد مضيّ مدّة.
فلو شرط المحيل على المحتال عدم القبض إلاّ بعد مضيّ مدّة فلا مانع من نفوذ هذا الشرط ، لأنّه شرط جائز لأنّه لا يحتمل عدم جوازه إلاّ من ناحية كونه مخالفا لمقتضى العقد ، وقد عرفت عدم كونه مخالفا لمقتضى عقد الحوالة ، فيشمله عموم « المؤمنون عند شروطهم ».
وهذا أمر متعارف في الأسواق عند التّجار ، خصوصا إذا كان مبلغ المحال به كثيرا والمحيل في بلد والمحال عليه في بلد آخر ، فيجعلون في ورقة الحوالة مدّة كي لا يقع المحال عليه في ضيق وحرج من ناحية تلك الحوالة ، ويتمكّن من تهيئة المبلغ في تلك المدّة ، فكانوا يكتبون في الورقة : سلّم إلى فلان ـ أي المحتال ـ مبلغ كذا بعد مضيّ ثلاثة أيّام من رؤية هذه الورقة.
المقام الثالث
في الكفالة
وهي في اصطلاح الفقهاء عبارة عن التعهّد والالتزام لشخص بإحضار من له حقّ عليه مؤجّلا أو معجّلا ، أو بإحضار شيء آخر كالأعيان المضمونة.
وقال في القواعد : وهي عقد شرّع للتعهّد بالنفس (١).
__________________
(١) « قواعد الأحكام » ج ١ ، ص ١٨٢.