من دينه ، وأنّه يستوفي دينه منه إن لم يؤدّ الراهن المديون لفلس أو لغيره ، فما دام يكون هو موجودا ولم يسقط عن الماليّة ويمكن استيفاء دينه منه فلا وجه لسقوط رهانته لما تقدّم وقلنا إنّ الرهن من طرف الراهن عقد لازم.
وأمّا ما ربما يتوهّم : من أنّ شيئيّة الشيء بصورته لا بمادّته ، فإذا انعدمت الصورة ينعدم الشيء بانعدامها ، فليس ذلك الشيء باقيا كي تكون رهانته باقية.
ففيه : أنّ هذا الكلام وإن كان حقّا في محلّه ولكن لا ربط له بمقامنا ، لأنّه لا ندّعي بقاء تلك المهيّة لزوالها بزوال صورتها النوعيّة قطعا ، بل نقول موضوع الملكيّة نفس المادّة ، كانت مع الصورة النوعيّة أو لم تكن.
مثلا لو فرضنا أنّ الخشب صورته النوعيّة غير صورة الفحم ، ويكون سلب الخشبيّة من الفحم صحيحا لأنّه مهيّة أخرى غير مهيّة الخشب ، لكن معروض الملكيّة لمن يملك خشبا ليس مهيّة الخشب بصورتها النوعيّة ، بل المعروض مادّة الخشب ، فلو فرضنا أنّه احترق ذلك الخشب وصار فحما لا يخرج عن ملكه ، بل انقلب ملكه عن عنوان إلى عنوان آخر ، لأنّ المادّة الباقية في الحالين ملك في عرض الصور النوعيّة.
وحيث أنّ الرهن تعلّق بما هو ملك الراهن لأجل فرض استيثاق المرتهن ، فما هو الملك حيث كان باقية فرهانته أيضا باقية ، فالبيضة والحبّ حيث أنّ مادّتهما ملك وهي باقية بعد زوال صورتها وتبدّلها إلى صورة أخرى فرهانتهما أيضا باقية.
فظهر أنّ الملك والرهن كلاهما باقيين وإن تبدّلت صورتاهما. وتفصيل هذه المسألة مذكورة في كتاب الغصب في ضمان اليد.
فرع : لو رهن المستعير ما استعاره بدون إذن مالكه ، فحيث أنّ هذا التصرّف لا يجوز له فتخرج يد المستعير عن كونها يد أمانة ، فيضمن لو تلف وإن كان تلفه بدون تعدّ وتفريط بل ولو تلف سماوي ، لأنّ ضمان اليد غير مقيّد بكون التلف بتفريط ذي