بعد العمل فذمّة الجاعل ليست مشغولة قبل عمله ، فلا يمكن تحقّق الحوالة بالمعنى المذكور.
وهكذا الحال بالنسبة إلى الأجرة قبل عملهم بناء على عدم استحقاق الأجير على المستأجر قبل اتجار عمله وإتمامه.
والسرّ في ذلك كلّه أنّ تحويل المعدوم غير معقول ، وهذا واضح جدّا.
فرع : يعتبر في صحّة الحوالة رضى المحال عليه أيضا وإن كان خارجا عن طرفي العقد ، لأنّ العقد واقع بين المحيل والمحتال ، ولكن اشتغال ذمّته لشخص آخر غير الدائن رغما على أنفه وبدون رضاه لا وجه له ولازم اشتغال ذمّته للدائن وجوب تفريغه عند طلبه لا اشتغال ذمّته لشخص آخر ، خصوصا فيما إذا كان اشتغال ذمّته لشخص آخر والتبديل به موجبا لضيق عليه.
وهذا فيما إذا كانت ذمّة المحال عليه مشغولة للمحيل بمثل ما يحال عليه ، وإلاّ ففي الحوالة على البريء على تقدير صحّته ـ كما سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى ـ فالأمر واضح ، إذ من الواضح البيّن عدم صحّة اشتغال ذمّته لشخص بلا سبب وبدون رضاه.
فرع : هل الحوالة على البريء صحيحة ، أو يشترط في صحّتها أن تكون ذمّة المحال عليه مشغولة للمحيل بمثل ما يحال عليه ولو من حيث القيمة؟
الأقوى عدم الاشتراط ، وذلك لأنّ حقيقة الحوالة عبارة عن تحويل ما في ذمّته إلى ذمّة الغير ، وهذا المعنى يمكن حصوله بقبول المحال عليه وإن لم تكن ذمّته مشغولة بمثله للمحيل ، فكأنّ المحال عليه صار ضامنا للمحيل بما كان في ذمّته فانتقل ما في ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الزعيم غارم ».