الوصيّة ثمَّ ادّعوا أنّهم ظنّوا أنّها ليست أزيد من الثلث ، أو يكون أزيد بيسير على تقدير الزيادة ، لم يلتفت إلى دعويهم ولا يسمع ، لأنّ الإجازة في هذا الفرض تعلّقت بعين خارجيّة معيّنة معلومة ، لا إجمال لها ولا إبهام فيها.
فالفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة هو ما ذكرنا من عدم الإجمال والإبهام في هذه الصورة لأنّ الموصى به فيها معيّن معلوم وشخص خارجي يمتنع صدقه على المتعدّد ، بخلاف الصورة السابقة فإنّ الموصى به فيها حيث أنّه كسر مشاع يمكن أن يشتبه فيه من حيث القلّة والكثرة ، ولذلك هنا لا تسمع دعوى الورثة ، لعدم تطرّق الجهل والاشتباه بخلاف هناك ولذلك تسمع دعواهم.
ولكن التحقيق عدم الفرق بين الصورتين ، لوحدة المناط فيهما ، وهو كما ذكرنا حجّية الظهورات وما هو المتفاهم عرفا من الكلام ، ولذلك عند العرف يؤخذ المتكلّم بما هو ظاهر كلامه. وقد صرّح الفقهاء قدسسره بذلك في باب الوصايا والأقارير والإجازات في المعاملات والعقود التي تقع فضولة. ولا فرق بين أن يكون متعلّق الإجازة هو الكسر المشاع أو شخص خارجي معيّن معلوم في الظهور العرفي. وكشفه عن مراد المتكلّم وحجّيته في ذلك ما لم يعلم أنّ مراده خلاف هذا الظهور ، فالحقّ في المقامين عدم سماع دعوى الورثة.
الكلام في الوصايا المبهمة
فرع : لو أوصى بجزء من ماله وردت روايات مفادها حمل الجزء من المال على العشر منه ، مستدلا بقوله تعالى ( قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ) (١) وكانت الجبال عشرة ، فعبّر الله تعالى عن كلّ عشر بالجزء ، فيحمل الجزء من الشيء على عشرة تبعا لاستعماله في الكتاب العزيز
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٦٢.