الموصي لم يفرّق على الفرض بين الذكور والإناث ، ولا بين العالم والجاهل ، ولا بين العادل والفاسق ، وهكذا الأمر في سائر الطواري والخصوصيّات الواردة على عنوان الموصى له ، والمفروض أنّ كلّهم من مصاديق ذلك ومتساوي الإقدام في انطباق العنوان عليها ، وحيث لم يفرّق الموصي بين هذه الطواري وأطلق العنوان ولم يقيّده بأحد هذه القيود وجودا وعدما فالإطلاق يقتضي التسوية.
وكذلك الأمر لو قال الموصي : المال الفلاني لأخوالي أو لخالاتي أو لأعمامي أو لعمّاتي بعد وفاتي ، فيشملهم بالسويّة ولا يقسّم بينهم بترتيب الإرث ، لأنّه في الإرث جاء الدليل على أنّ تركة الميّت ليس بينهم بالسويّة ، بل لكلّ صنف منهم نصيب غير نصيب الصنف الآخر ، فللذكر منهم ضعف الإناث وإلاّ هناك أيضا يقسّم بينهم بالسويّة ، فلو كان دليل الإرث فقط قوله عليهالسلام : « ما تركه الميّت من حقّ أو مال فلوارثه » (١) كان يقسّم المال بالسويّة ، وهذا واضح.
نعم لو صرّح بالتفصيل فلا يبقى مورد للأخذ بالإطلاق ، بل يجب العمل على طبق تفصيله. وها هنا رواية تدلّ على التفصيل ، ولكن الأصحاب لم يعملوا بها فصارت مهجورة متروكة ، وهي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ، فقال عليهالسلام : « لأعمامه الثلثان ، ولأخواله الثلث » (٢) وروى هذه الرواية في الكافي بطريق آخر عن ابن محبوب ، ورواه الشيخ أيضا بإسناده عن الحسن بن محبوب ، ولكنّها لعدم العمل بها وإعراض الأصحاب عنها مطروحة ، أو يحمل على أنّ الموصي أوصى لهما على كتاب الله ، أي طريقة الإرث التي في كتاب الله وأنّ ( لِلذَّكَرِ ) مثلَ ( حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ).
__________________
(١) تقدّم ذكره في ص ٣٢٢.
(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤٥ ، باب من أوصى لقراباته ومواليه. ، ح ٣ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٠٨ ، باب الوصيّة للأقرباء والموالي ، ح ٥٤٨٣ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٤ ، ح ٨٤٥ ، باب الوصية المبهمة ، ح ٢٢ ، وص ٣٢٥ ، ح ١١٦٩ ، باب ميراث الأعمام والعمّات. ، ح ٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٥٤ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٦٢ ، ح ١.