ومنها : ما رواه الشيخ عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّن تولّى مال اليتيم ما له أن يأكل منه؟ فقال : « ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم ، فليأكل بقدر ذلك » (١).
والإنصاف أنّ القدر المتيقّن المتحصّل من هذه الآية الشريفة بضميمة الروايات الواردة في تفسيرها هو أنّ المتولي لأمر الصغار ، أي الوصي عليهم من طرف الأب ، أو الجدّ من قبل الأب ، أو القيّم عليهم من طرفها أو من طرف الحاكم ، إذا كان فقيرا ـ أي لم يملك مئونة نفسه وعياله الواجبي النفقة مقدار سنة كاملة ، وكان مشتغلا بإصلاح أموالهم وتدبير شئونهم بحيث يشغله ذلك عن تحصيل معيشته وإدارة شئونه ، وعن كسبه وتدبير مال نفسه ـ فيجوز له أن يأكل من مال اليتيم بمقدار أقلّ الأمرين من قوته المتعارف ومن أجرة عمله ، بشرط أن لا يكون مال اليتيم قليلا بحيث لو أكل الوصي أو القيّم منه ينعدم ، أو يكون قريبا من الانعدام. وإن شئت قلت : أنّه لا يكون موجبا لتبيّن نقصه عرفا.
فلجواز الأكل قيود :
الأوّل : أن لا يكون غنيّا ، لأنّ الأمر بالاستعفاف ظاهر في الوجوب.
الثاني : أن يكون مشتغلا بإصلاح أموالهم وشؤونهم ، ويدلّ على هذا القيد أغلب الروايات المتقدّمة.
الثالث : أن يكون اشتغاله بإصلاح أمورهم مانعا عن تحصيل معيشته والاشتغال لنفسه ، ويدلّ على هذا القيد قوله عليهالسلام في رواية سماعة « وإن كانت ضيعتهم لا تشغله عمّا يعالج لنفسه فلا يزرأ من أموالهم شيئا ». ومعنى « لا يزرأ » هو « لا ينقص » والنهي عن النقص من أموالهم كناية عن عدم جواز الأكل مطلقا ، قليلا كان أو كثيرا.
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٣٤٣ ، ح ٩٦٠ ، باب المكاسب ، ح ١٨ ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ١٨٦ ، أبواب ما يكتسب به ، باب ٧٢ ، ح ٥.