يغرم ما عليه من مال أو حقّ ، على تفصيل سنذكره إن شاء الله تعالى.
وذلك من جهة أنّ الجملة وإن كانت بظاهرها جملة خبريّة ، ولكن حيث انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام إنشاء الحكم فاستعمل الجملة الخبريّ في الإنشاء. وقد بيّنّا في الأصول أنّ الجملة الخبريّة التي استعملت في مقام الإنشاء إن كانت موجبة تكون آكد في الوجوب من الجملة الطلبية الإنشائية ، وإن كانت نافية تكون آكد في التحريم.
فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجمل الأربع التي في الحديث الشريف وهي : « العارية مؤدّاة ، والمنحة مردودة ، والدين مقضي » وهذه الجملة ، أي جملة « الزعيم غارم » وإن كان كلّ واحد منها بصورة الجملة الخبريّة ، ولكن حيث أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام الحكم فكلّها دالّة على الوجوب.
فالحديث يدلّ على وجوب أداء الزعيم ما تعهّد به ، وذلك من جهة أنّ الزعيم بمعنى الكفيل والغارم هو الضامن ، كما ذكره في نهاية ابن أثير (١).
والضمان بالمعنى الأعمّ كون ذمّة الشخص مشغولة لآخر بمال أو نفس ، وهو ثلاثة أقسام :
الأوّل : الضمان بالمعنى الأخصّ. وهو عند الفقهاء عبارة عن التعهّد بمال ممّن ليست ذمّته مشغولة لذلك الضامن بمثله.
الثاني : الحوالة. وهي عبارة عن التعهّد بمال ممّن ذمّته مشغولة له بمثل ما يتعهّد. وهذا بناء على عدم صحّة الحوالة على البريء ، وإلاّ يكون هذا التعريف أخصّ منها كما هو واضح.
الثالث : الكفالة. وهي عبارة عن التعهّد بنفس للآخر.
فالبحث في هذه القاعدة يكون في ثلاث مقامات :
__________________
(١) « النهاية » ج ٣ ، ص ٣٦٣ ( غرم ).