من حيث أنّ الحيوان ملك للوارث والنفقة نفقة الملك فتجب عليه لأنّه مالك ، ومن أنّه ملك مسلوب المنفعة فإلزام المالك بالنفقة ووجوبها عليه ضرر عليه بدون تدارك ، ومثل هذا الحكم منتفي في الشريعة الإسلاميّة بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » (١) وأيضا بأنّ « من كان له الغنم فعليه الغرم ».
ومن أجل هذا الإشكال قيل بأنّ نفقته من بيت المال ، لأنّ المفروض أنّ منافعه للموصى له ، فلا بدّ وأن يكون نفقته إمّا على المالك أو على الموصى له أو من بيت المال فإذا نفينا الأوّلين لما ذكرنا في وجه نفيهما فلا يبقى وجه إلاّ كونها من بيت المال.
ولكن أنت خبير بأنّ هذه الاستحسانات ـ مضافا إلى أنّها مخدوشة في نفسها ومنقوضة بموارد كثيرة ولا دليل على اعتبارها وذهاب الأكثر إلى أنّ النفقة على الوارث لا على الموصى له بالمنفعة وإن كانت مؤبّدة ـ لا تعارض إطلاق أدلّة وجوب نفقة الملك على المالك إن كان حيوانا ، إنسانا كان أو غير إنسان بل وإن كان غير حيوان كالبستان الذي أوصى المالك كون أثماره ومنافعه لشخص ، فسقيه وحرثه وتسميده إن كان محتاجا إليها بحيث تموت الأشجار وتتلف على الوارث المالك.
وإن كان لا يخلو من الإشكال ، وذلك لعدم الدليل على وجوب نفقة البستان على مالكه كي يؤخذ بإطلاقه. وقياسه بنفقة الحيوان أوّلا قياس باطل ، وثانيا مع الفارق.
فإذا ظهر أنّ الوصيّة بالمنافع التي لعين من أعيان ماله صحيحة موقتة ومؤبدة ، فلكلّ واحد من الوارث والموصى له التصرّف فيما يخصّه ، فللموصى له التصرّف في المنافع على وجه لا يضرّ بالعين أزيد ممّا هو متعارف في باب الإجارات ، بمعنى جواز التصرّفات التي يتوقّف الانتفاع بها حسب المتعارف في باب الانتفاع فيما إذا ملك الانتفاع بالإجازة لصيرورة المنافع ملكا له ، وللوارث التصرّف في العين ولكن التصرّفات التي لا يضرّ بمنافعها أو الانتفاع بها بلا خلاف ولا إشكال.
__________________
(١) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٣٣٤ ، باب ميراث أهل الملل ، ح ٥٧١٨.