طرف الموصي وصي آخر مجعول طولا أو عرضا ، فيرجع الأمر إليه ، وإلاّ فالمرجع هو الحاكم.
وأيضا قالوا : إنّ الموصي أقام مقام نفسه ، فكما أنّ له الولاية على الاستنابة بعد الموت ، فكذلك للقائم مقامه.
وفيه : أنّ كون الاستنابة للموصي بعد الموت من شؤون مالكيّته في حال الحياة ، فكأنّ المالك حال الحياة له أن يستنيب بعد موته شخصا آخر يتصرّف في أملاكه بما أوصاه بها إن لم تكن تلك الأملاك زائدة على الثلث ، وإلاّ فأيضا يجوز مع إجازة الوارث.
وممّا استدلّ القائلون بالجواز أيضا صحيحة محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أبي محمّد عليهالسلام أنّه كتب إليه رجل كان وصيّ رجل ، فمات وأوصى إلى رجل ، هل يلزم الوصي وصيّة الرجل الذي كان هذا وصيّه؟ فكتب : « يلزمه بحقّه إن كان له قبله حقّ إن شاء الله تعالى » (١).
فحملوا الحقّ في قوله عليهالسلام : « يلزمه بحقّه إن كان له قبله حقّ » على حقّ الأخوّة ، أي إن كان الموصي مؤمنا وكان له حقّ الأخوّة الإيمانيّة على وصيّه لقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (٢) فيلزم الوصي العمل بذلك الحقّ ، أي بحقّ الإيمان.
فهذه الرواية تدلّ على لزوم عمل الوصيّ الثاني بوصيّة الوصي الأوّل إن كان مؤمنا ، سواء أذن الموصي الأوّل بوصيّة الموصي الثاني أو لم يأذن.
وفيه : أنّ ها هنا احتمال آخر ، وهو أن يكون المراد بحقّه هو حقّ الوصي الأوّل الذي ثبت له بواسطة إذن الموصي الأوّل له في الإيصاء ، فيكون حاصل معنى الرواية
__________________
(١) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٢٦ ، باب ما يجب على وصيّ الوصيّ من القيام بالوصيّة ، ح ٥٥٣٥ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ٢١٥ ، ح ٨٥٠ ، باب الوصي يوصى إلى غيره ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٤٦٠ ، أبواب أحكام الوصايا ، باب ٧٠ ، ح ١.
(٢) الحجرات (٤٩) : ١٠.