وهذه الأمور التي ذكرناها في هذا الفرع ـ مضافا إلى أنّ كلّها مقتضى القواعد العامّة في أبواب الضمانات ـ إجماعيّ لم يخالف فيها أحد من أصحابنا الإماميّة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
هذا كلّه قبل حلول أجل الدين ، وأمّا بعد حلول الأجل فله مطالبة مال ، فإن ردّه الراهن تامّا وبلا نقصان فلا شيء عليه ، وأمّا لو طرء عليه نقصان أو تلف فالراهن ضامن ، ولا يضمن المرتهن إلاّ مع التفريط ، وإن تعذّر ردّه بدون تلف أو نقصان فعلى الراهن بدل الحيلولة إلى حصول الردّ.
ثمَّ إنّ للمعير الرجوع عن إذنه قبل تحقّق عقد الرهن ، بل وبعده قبل القبض إن قلنا بأنّ القبض شرط صحّة الرهن. بل يمكن أن يقال بجواز الرجوع وإن كان شرطا في اللزوم لا الصحّة ، لأنّ قبله عقد جائز فالرجوع بمنزلة الفسخ.
ثمَّ إنّ إجازة المالك تارة صريحة في أن يرهن المال المستعار كيف شاء ، وأخرى مقيّدة بقيد خاصّ ، وثالثة مطلقة.
في الصورة الأولى يجوز له أن يرهن عن أيّ شخص كان ، وعلى أيّ مقدار كان ، وبأيّ مدّة كانت.
وأمّا في الصورة الثانية فلا يجوز له التعدّي عمّا عيّن.
وإنّما الكلام في الثالث وأنّه هل يجوز له العمل والأخذ بالإطلاق كي يكون مثل الصورة الأولى فيرهن ممّن يشاء ، وعلى أيّ مقدار يشاء ، وبأيّ مدّة يشاء ، أم لا بل لا بدّ له أن يأخذ بالقدر المتيقّن أو المتعارف ممّا هو الظاهر؟ ويراد من الكلام غالبا عند العرف لا يبعد الثاني ، لأنّ الأخذ بالإطلاق غالبا يوجب الضرر وخسارة الآذن ، ومن حيث كثرة الاختلاف في آجال الديون واختلاف المرتهنين في حفظ الرهن وسلامته ربما يوجب إضرارا للمعير المجيز.