القوّة هو التمكن من فعل الشيء ، ويقابله الضعف ، ومن القدرة التمكن من فعل الشيء وتركه ، ويقابله العجز ، يقال للجدار مثلا إنّه يقوى على حمل السقف ، ولا يقال إنّه يقدر عليه إلاّ تنزيلا.
تنبيه
قد مرّ في بيان حقيقة العلم أنّه نور خارج عن حقيقة المخلوقات في عين إحاطته بها ظاهرها وباطنها دائما ، وأنّ صيرورتها عالمة وشاعرة بشيء ـ حتّى بذاتها ـ إنّما هي بوجدانها إيّاه واستضاءتها به وتحمّلها له بتحميل الله تعالى ـ كما يظهر من قوله عليهالسلام في الماء الذي هو مادّة جميع المخلوقات : إنّ الله عزّ وجلّ حمّل دينه وعلمه الماء (١) ـ من غير تغيّر في ذات العلم ولا تركيب بينها وبينه ، بل التغير فيها لا فيه ، فتارة تجده وتستضيء به فتعلم ، وأخرى تفقده من غير تجاف فتجهل ، كما هو مقتضى ذواتنا ، ونحن نجد هذا الوجدان والفقدان في أنفسنا وإن لم نعرف حقيقة العلم ولا كيفية وجداننا إيّاه.
والظاهر أنّ القدرة من كمال هذا النور ، كما يؤيّده أنّ الإنسان ربما يكون عالما بشيء مع عدم القدرة عليه ، ولا يكون قادرا عليه إلاّ أن يكون عالما به ، ويلوح كونهما حقيقة واحدة من قوله عليهالسلام : العرش ليس هو الله ، والعرش اسم علم وقدرة (٢) ، فتدبر ، والله العالم.
وصيرورة الإنسان قادرا على شيء إنّما هو بوجدانه إيّاها بالنسبة إلى ذلك الشيء وعجزه بفقدانه ـ كما مرّ في العلم ـ وإنّا نجد من أنفسنا هذا الوجدان والفقدان وإن لم نعرف حقيقة القدرة ولا كيفية وجداننا إيّاها.
وأمّا في الله تعالى فإنها عين العلم ، وكذلك سائر الكمالات كلها عين ذاته بلا تركيب. وممّا استدل به لنفي التركيب في ذاته تعالى : أنّ التركيب انضمام الشيء بالشيء الآخر ، والمركب متقوّم بأجزائه محتاج كل جزء منه إلى انضمامه إلى الجزء الآخر ، وهذا
__________________
(١) البحار ٥٧ : ٩٥ ، عن الكافي.
(٢) راجع ص ٢٧.