وعن تفسير علي بن إبراهيم قال : وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام : في قوله : ( أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ ) (١) ، يقول : أي في خلق جديد. وأمّا قوله : ( فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) ، فالساهرة الأرض ، كانوا في القبور ، فلما سمعوا الزجرة خرجوا من قبورهم واستووا على الأرض (٢).
فصل : حقيقة الإنسان وما خلق منه
لا بدّ لإدراك حقيقة المعاد ، ورفع ما أوجب صرف الآيات المباركة والروايات الواصلة عن أهل البيت العصمة عليهمالسلام عن ظواهرها بل عن نصوصها الدالة على المعاد الجسمانيّ بمعناه الحقيقيّ ، من البحث عن حقيقة المعاد ـ بضم الميم ـ وهو الإنسان ، ومبدئه الذي خلق منه.
ولا بدّ أيضا قبل الورود في البحث من بيان أمر هو كالقاعدة في أمثال المقام.
وهو : أنّه لا ريب في وجوب الرجوع إلى أقوال المعصومين عليهمالسلام فيما لا حكم قطعيّا للعقل فيه ، فإنه مقتضى عصمتهم عليهمالسلام.
ومن المعلوم أنّ مبدأ خلقة العالم عموما وخلقة الإنسان خصوصا ، وما يرجع إليه بعد الموت والشئون المربوطة بهاتين الجهتين ، ليست من الأمور التي يحكم العقل فيها بحكم قاطع ، ولا يجوز الاعتماد فيها على مقدّمات ظنّيّة ، فإنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئا.
فالطريق الوحيد ـ بحكم العقل ـ هو اتّباع من قام الدليل على عصمته ، فلا بدّ فيها من الرجوع إلى الآيات الكريمة والروايات المرويّة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم ، والأخذ بنصوصها وكذا ظواهرها ، ما لم تقم قرينة قطعيّة على خلافها.
فإذا كانت الرواية المرويّة في الباب ـ ولو بلحاظ ضمّ بعضها إلى بعض ـ موجبة للقطع أو الاطمئنان صدورا ودلالة فلا إشكال ، ولا يجوز رفع اليد عنها وتأويل ظواهرها
__________________
(١) النازعات ١٠.
(٢) البحار ٧ : ١٠٧ ، عن تفسير القمّيّ ٢ : ٤٠٣.