فعله الإنسان في الدنيا ، والروايات الدالّة على شهادة المكان وأمثالها كثيرة في المعجزات المنقولة عن الأئمّة عليهمالسلام.
التنبيه الرابع عشر : الإنسان يبقى على جسمانيّته
قد ظهر ممّا سبق أنّ الإنسان من مبدأ خلقته إلى منتهى ما يصل إليه من الكمال باق على مادّيّته وجسمانيّته ، وعلى فقره واحتياجه في بقاء ذاته وجميع كمالاته المادّية والمعنويّة إلى الله تعالى ، ولا يدخل في حدّ التجرّد المصطلح بأن تصير ذاته مجرّدة عن المادّة ولواحقها فانية في حقيقة الحقّ المتعالي ، بل هو في حال غناه ـ باستضاءته من الأنوار الإلهيّة المنزّهة دائما عن لوث المادّية ـ باق على فقره ومحدوديّته وماديّته ، كما هو مشهود له في كلّ يوم وليلة غالبا ، فينبغي للمؤمن أن يشكر الله تعالى دائما على نعمائه التي من أعظمها نعمة الوجود ـ أي الثبوت والكون والحصول ( وقد عبّر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن أوّل النعمة بقوله : أن خلقتني ) ـ والحياة والعلم والعقل والهدايات العامّة والخاصّة (١) ، وأن يتضرّع إليه تعالى لتبقى له تلك النعم ولا تسلب منه ـ لإمكان زوالها في كلّ آن ـ ولطلب الزيادة. وهذا ممّا علّمنا الله تعالى بأمره في كلّ صلاة بقراءة قوله تعالى : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) إلى قوله : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ... ).
التنبيه الخامس عشر : زوال العلم والهداية بالكفر والظلم
من موجبات زوال نعمة العلم والهداية ومن موجبات الحرمان من الزيادة كفرانها بسبب الكفر بالله تعالى وبرسوله ، والتكبّر ، والظلم ، والفسق ، والكذب ، وغير ذلك من المعاصي ، كما قال الله تعالى : ( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٢). ( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) (٣). ( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ) (٤). ( إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ
__________________
صبّهنّ في أيدينا فما سبّحت.
(١) فالعامّة إشارة إلى قوله تعالى : إنّا هديناه السبيل إمّا شاكرا وإمّا كفورا ـ الدهر ٣ ، والخاصّة إشارة إلى قوله تعالى : ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتّقين ـ البقرة ٢ ، ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ـ مريم ٧٦.
(٢) البقرة ٢٥٨ ، آل عمران ٨٦ ، المائدة ٥١ ، التوبة ١٩ ، ١٠٩ ، الصف ٧ ، الجمعة ٥.
(٣) البقرة ٢٦٤.
(٤) المائدة ١٠٨ التوبة ٢٤ ، ٨٠ ، الصف ٥.