ثانيهما : معرفة أنّه تعالى لا يشبه شيئا من المخلوقين ، وأنّه مباين لهم في جميع أوصافهم ومنزّه عنها. ومن شئون معرفة الأمر الثاني المعرفة بأنّه تعالى لا يدرك بالحواس الظاهرة والباطنة ، وبالعقول والعلوم والأفهام وتوهّم القلوب.
وهذا معنى خروجه عن حدّ التشبيه ، فلذلك لا يجوز بحكم العقل التفكّر في ذاته ، ولا التكلّم فيه بتوصيفه إلاّ بما وصف به نفسه ، ولا تسميته إلاّ بما سمّى به نفسه. قال الله تعالى :
( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) (١).
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢).
( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٣).
( سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٤).
( وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) (٥).
( فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٦).
( وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٧).
( وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ) (٨).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزّ وجلّ : ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ) ، قال عليهالسلام : إحاطة الوهم (٩).
__________________
(١) الأنعام ١٠٣.
(٢) الشورى ١١.
(٣) الصافات ١٨٠.
(٤) الزخرف ٨٢.
(٥) الأنعام ٩١ ، الزمر ٦٧.
(٦) الأنبياء ٢٢.
(٧) الأنعام ٦٨.
(٨) النجم ٤٢.
(٩) التوحيد ١١٢.