وعنه صلوات الله عليه : تكلّموا فيما دون العرش ولا تكلّموا فيما فوق العرش ، فإن قوما تكلّموا في الله فتاهوا حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه (١).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : من نظر في الله كيف هو هلك (٢).
وممّا يدلّ على ما ذكرنا تنبيها على ما حكم به العقل ما ورد في احتجاج رسول الله صلىاللهعليهوآله على اليهود ردّا على قولهم : عزير ابن الله : إن كنتم إنّما تريدون بالبنوة الولادة على سبيل ما تشاهدونه في دنياكم هذه من ولادة الأمّهات الأولاد بوطء آبائهم لهنّ فقد كفرتم بالله وشبّهتموه بخلقه ، وأوجبتم فيه صفات المحدثين ، ووجب عندكم أن يكون محدثا مخلوقا ، وأن يكون له خالق صنعه وابتدعه ... (٣).
ومن أراد التفصيل والزيادة على ذلك فلا بدّ له من الرجوع إلى مفصّلات الخطب والأدعية وسائر ما ورد عنهم صلوات الله عليهم بعد ردّ متشابهها إلى محكمها. فإنّ جميع ذلك بيان لأساس ما جاء به صاحب الشريعة الغرّاء في معرفة الله تعالى من طريق العقل ، وتنزيه له تعالى عمّا تكلّم به كثير من علماء البشر ـ الذين أخذوا مبادئ علومهم ومعارفهم من غير طريق الوحي ـ في ذاته القدوس تعالى وصفاته وأفعاله ، وعمّا أثبتوه له تعالى شأنه بالقواعد العقلية التي موضوعاتها المخلوقات والمصنوعات ، قياسا له تعالى بها. ويناسب هنا ذكر روايتين رواهما الصدوق ـ رحمهالله ـ في التوحيد :
إحداهما : ما رواه بسنده عن عكرمة ، قال بينما ابن عباس يحدّث الناس إذ قام إليه نافع ابن الأزرق فقال : يا ابن عباس تفتي في النملة والقملة صف لنا إلهك الذي تعبده. فأطرق ابن عباس إعظاما لله عزّ وجلّ ، وكان الحسين بن علي عليهماالسلام جالسا ناحية فقال : إليّ يا ابن الأزرق ، فقال : لست إياك أسأل! فقال ابن عباس : يا ابن الأزرق! إنّه من أهل بيت النبوة وهم ورثة العلم. فأقبل نافع بن الأزرق نحو الحسين عليهالسلام ، فقال له الحسين عليهالسلام : يا نافع! إنّ من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الارتماس ، مائلا
__________________
(١) البحار ٣ : ٢٦٥ ، عن المحاسن.
(٢) البحار ٣ : ٢٦٥ ، عن المحاسن.
(٣) البحار ٩ : ٢٥٨ ، عن تفسير الإمام والاحتجاج.