المندك فيه الوجودات الخاصّة ، كما سيأتي في كلامه أنّه مرتبة ضعيفة من مراتب يظهر ويتجلّى بها حقيقة الوجود.
وبالجملة : التصريح بأنّه ليس في الدار غيره ديّار قرينة واضحة على أنّ مراده من الوجود الظلي ، ومن الضوء ومن الوجود الممكن ، ومن أعيان الممكنات ، ومن التجلي والمجلي ، والظهور والمظهر ليس شيئا آخر سوى مراتب حقيقة الوجود.
وقال بعض المتأخرين في بيان اعتبارات الماهية : حقيقة الوجود إذا أخذت بشرط أن لا يكون معها شيء من الأسماء والصفات فهي المرتبة الأحديّة المستهلكة فيها جميع الأشياء. وإذا أخذت بشرط الأسماء والصفات فهي المرتبة الواحدية المدلولة لاسم الجلالة وهو الله. وإذا أخذت لا بشرط فهي الهويّة السارية في كلّ شيء. والمراد من الأسماء والصفات مفاهيمها ، فإنّ حقائقها حقيقة الوجود ، فيكون اشتراط الشيء بنفسه. انتهى (١).
أقول : المراد بالأخذ اللحاظ والاعتبار.
فممّا ذكرنا ظهر أنّ معنى « بسيط الحقيقة كلّ الأشياء » أنّ كلّ حقيقة ووجود يكون في غاية البساطة ( أي حتى من جهة التركيب الاعتباري من وجود وعدم غيره من الوجودات ) فهو عبارة اخرى عن حقيقة كلّها الوجود ولا وجود غيرها ، فظاهر أنّ كلّ ما هو هكذا فهو كلّ الأشياء المفروض أنّ كلّها الوجود ، وهذا من الواضحات من قبيل حمل الشيء على نفسه.
ومعنى أنّه ليس بشيء من الأشياء أنّ حقيقة الوجود ـ التي هي مجموع الوجودات بما لها من المراتب ـ ليست منحصرة بمرتبة دون مرتبة ، لكون المفروض أنّه كلّ الوجود ، فلا يصحّ أن يقال أنّ كلّ الوجود حقيقة هذا الشيء الذي هو مرتبة من مراتب الوجود لا كلّ الوجود ، أو بمعنى أنّه ليس بشيء من حدودها ونقائصها ، كما قال به السبزواري في حاشية الأسفار في تفسير هذا الكلام ، وهذا أيضا أمر واضح ولكنّه أشبه بالأحجية واللغز في الكلام.
__________________
(١) شرح المنظومة للسبزواريّ : ٩٥.