القيود والخصوصيات فهو محكوم بالوجوب ما لم يقم على خلافه دليل.
ومنها : اهتمام الرواة بنقل هذه الخصوصية ، أعني عدم تمسحهم عليهمالسلام بالماء الجديد في رواياتهم ، ففي بعضها « أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعدهما أي اليدين في الإناء » (١) وفي آخر : « لم يجدد ماءً » (٢) وفي ثالث : « لم يحدث لهما ماء جديداً » (٣) وهذا يكشف عن اهتمام الأئمة عليهمالسلام لهذه الخصوصية في وضوءاتهم.
وحيث إن الأفعال الصادرة منهم عليهمالسلام في وضوءاتهم كانت كثيرة كنظرهم عليهمالسلام إلى السماء في أثناء الوضوء أو إلى اليمين أو اليسار ، أو تكلمهم بكلام أو غير ذلك مما كان يصدر منهم عليهمالسلام ولم يتصد الرواة لنقل شيء من هذه الخصوصيات والأفعال غير هذه الخصوصية ، فنستكشف من ذلك كشفاً قطعياً أن لهذه الخصوصية مدخلية في صحة الوضوء في الشريعة المقدسة لا محالة.
ومنها : صحيحة عمر بن أُذينة عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث طويل « أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لما اسري بي إلى السماء أوحى الله إليَّ يا محمّد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهّرها إلى أن قال ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء ورجليك إلى كعبيك ... » (٤) فإنها ظاهرة في أن كلّ ما صنعه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمر الله سبحانه في تلك الصحيحة أُمور واجبة المراعاة على جميع المسلمين في وضوءاتهم ، إذ لا يحتمل أن يكون ذلك من خصائص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد قدّمنا أن الأخبار البيانية تدلنا على أن ما وجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في وضوءاته قد وجب على غيره من المسلمين أيضاً ، وأن متابعته في ذلك لازمة ، فان الله سبحانه لا يقبل وضوءاً غيره. إذن هذه الصحيحة تدلنا على أن المسلمين يجب أن يمسحوا رؤوسهم وأرجلهم بنداوة ماء الوضوء ، لأن الله سبحانه قد أوجب ذلك على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٩٠ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٦.
(٢) الوسائل ١ : ٣٩٠ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ١٠.
(٣) الوسائل ١ : ٣٩٠ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ١١.
(٤) الوسائل ١ : ٣٩٠ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٣.