ومنها : صحيحة زرارة قال « قال أبو جعفر عليهالسلام : إن الله وتر يحب الوتر فقد يجزئك من الوضوء ثلاث غرفات ، واحدة للوجه واثنتان للذراعين ، وتمسح ببلة يمناك ناصيتك ، وما بقي من بلة يمناك ظهر قدمك اليمنى ، وتمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى » (١) لأن جملة « وتمسح » وإن كانت خبرية إلاّ أنها مستعملة في مقام الإنشاء ، فتدلّنا على وجوب كون المسح ببلة اليد ، هذا.
وقد يناقش في دلالتها باحتمال أن تكون جملة « وتمسح » معطوفة على فاعل يجزئك ، وهو ثلاث غرفات ، أي ويجزئك المسح ببلة يمناك ، إذن تدلنا الصحيحة على أن المسح ببلة اليد مجزي في مقام الامتثال ، لا أنه أمر واجب لا بدل له ، وهي على هذا موافقة لما ذهب إليه الإسكافي قدسسره من جواز المسح بكل من بلة اليد والماء الجديد ، ولا دلالة لها على تعين كون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء كما هو مسلك المشهور.
ويدفعه : أن الإضمار على خلاف الأصل والظهور ، وذلك لأنه لا يمكن جعل و« تمسح » معطوفة على فاعل يجزئك إلاّ بتأويلها بالمصدر أي ويجزئك المسح ، إذ لا معنى لأن تكون الجملة الفعلية فاعلاً ، فبما أن الإضمار على خلاف الأصل والظاهر فلا يمكن المصير إليه ، ولا مناص من إبقاء الجملة الفعلية على حالها ، وحيث إنها في مقام الأمر والإنشاء فلا محالة تدلنا على وجوب كون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء.
ومنها : الأخبار الواردة في من نسي المسح حتى دخل في الصلاة أو لم يدخل فيها ثم ذكر أنه لم يمسح في وضوئه ، حيث دلت على أنه يأخذ من بلة لحيته أو حاجبيه أو أشفار عينه إن كانت ، وإن لم يكن في لحيته ونحوها بلل فلينصرف وليعد الوضوء (٢).
وأمّا المسح بالماء الجديد فلم تدلنا عليه شيء من تلك الروايات.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٣٦ / أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٢.
(٢) الوسائل ١ : ٤٠٧ / أبواب الوضوء ب ٢١.