من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك » (١) فان مقتضى إطلاقهما صحة الاجتزاء بأقل ما يتحقق به المسح عرفاً ، وعليه فلا دليل على أن يكون المسح بمقدار عرض إصبع واحدة كما يحكى عن جماعة.
وقد تصدّى بعض الأصحاب لتأويله بأنهم لم يريدوا بذلك التحديد ، وإنما قصدوا به بيان أقل ما يتحقّق به المسمّى ، ويردّه : أن كلماتهم آبية عن هذا التأويل ، فقد حكي عن الشيخ في التهذيب ما مضمونه : أنّا لو خلينا وأنفسنا لقلنا بجواز مطلق المسح واكتفينا بمجرّد تحقّق المسمّى ، إلاّ أن السنّة منعتنا عن ذلك (٢) فان هذا الكلام كالصريح في أن غرضه إنما هو تحديد المسح الواجب بالإصبع الواحدة.
وكيف كان فقد استدلوا على ذلك بمرسلة حماد عن أحدهما عليهماالسلام « في الرجل يتوضأ وعليه العمامة ، قال : يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدّم رأسه » (٣).
وبما رواه عن الحسين قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام رجل توضأ وهو معتم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد ، فقال : ليدخل إصبعه » (٤) ويحتمل اتحاد الروايتين.
ويدفع الاستدلال بهما على تقدير اعتبار سندهما أن إدخال الإصبع الواحدة تحت العمامة للمسح ليس مستنداً إلى وجوب كون المسح بمقدار الإصبع الواحدة ، بل من أجل أنه أقل المقدار الميسور لدى المسح ، إذ لا يتحقق إلاّ بإدخال الإصبع الواحدة أو الإصبعين تحت العمامة لا محالة ، فالإصبع الواحدة أقل الميسور في المسح فقوله عليهالسلام : « يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه » لا دلالة له على كونه مستنداً إلى وجوب كون المسح بمقدار الإصبع الواحدة.
وبعبارة اخرى : لا كلام لنا فيما يتحقّق به المسح ، وإنما الكلام في المقدار الذي يجب
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤١٤ / أبواب الوضوء ب ٢٣ ح ٤.
(٢) التهذيب ١ : ٨٩.
(٣) ، (٤) الوسائل ١ : ٤١٦ / أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٢.