مسحه من الرأس ، ولا دلالة للروايتين على أنه لا بدّ أن يكون بمقدار عرض الإصبع الواحدة ، هذا على أن الإصبع شبه المدورات كما أن الرأس أيضاً كذلك ، ومن الظاهر أن مسح باطن الإصبع الذي هو من قبيل المدور على ما يماثله مما يشبه بالمدورات لا يمكن أن يكون بمقدار عرض الإصبع الواحدة كما أشار إليه المحقق الهمداني قدسسره في مطاوي كلامه (١) ، إذن الرواية لا دلالة لها على لزوم كون المسح بقدر عرض الإصبع الواحدة.
وأمّا وجوب كون المسح بمقدار عرض ثلاث أصابع مضمومة كما ربما يحكى القول به عن جماعة منهم الصدوق قدسسره في الفقيه (٢) فهو أيضاً كسابقه مما لا دليل عليه ، وما استدلوا به على ذلك من صحيحة زرارة قال « قال أبو جعفر عليهالسلام المرأة يجزئها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ، ولا تلقي عنها خمارها » (٣) وما رواه معمر بن عمر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « يجزئ من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرجل » (٤). مما لا يمكن المساعدة عليه ، لأن الرواية الثانية مضافاً إلى ضعف سندها بمعمر بن عمر إذ لم يوثق في الرجال (٥) إنما تدل على أن المسح بثلاث أصابع مجزي في الوضوء ، وأما أن ما يجزئ عنه أعني ما هو الواجب في الوضوء أيّ شيء فلا يكاد يستفاد منها أبداً ، ولعله يجزئ عن مسح تمام الربع المقدم من الرأس ، أو عن المسح بمقدار عرض إصبع واحدة أو غير ذلك من المحتملات ، فلا دلالة للرواية على أن ذلك هو المقدار الواجب مسحه بحيث لا يجزئ الأقل منه ، وعليه لا بدّ من حملها على الاستحباب وكونه أفضل أفراد المسح.
ومن هنا يظهر الجواب عن الرواية الأُولى أيضاً ، لأنها وإن كانت صحيحة بحسب
__________________
(١) مصباح الفقيه ٢ : ٣٤٥.
(٢) الفقيه ١ : ٢٨.
(٣) ، (٤) الوسائل ١ : ٤١٦ / أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٥.
(٥) راجع معجم رجال الحديث ١٩ : ٢٩٠.