عليهما جميعاً معاً ، فان بدأ بإحداهما قبل الأُخرى فلا يبدأ إلاّ باليمين » (١) إذا عرفت ذلك فليتكلم في جهتين :
الجهة الاولى : في أن صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة هل تصلح أن يقيد بها الإطلاقات المتقدمة الدالّة على عدم اعتبار الترتيب في مسح الرجلين ، أو أنها غير صالحة لذلك ، فعلى تقدير كونها صالحة للتقييد بها يسقط بذلك القول الأشهر لا محالة. ثم بعد ذلك نتكلم في الجهة الثانية ، في أن خبر الاحتجاج هل يرفع به اليد عن إطلاق صحيحة محمد بن مسلم فنقيدها لأجله بما إذا لم يمسحهما جميعاً ، أو أنه غير صالح لذلك؟ فعلى الأول يثبت به ما ذهب إليه الماتن ( قدس الله سره ) كما أنه على الثاني يثبت به قول المشهور في المسألة ، فتجب مراعاة الترتيب في مسح الرجلين بتقديم مسح اليمنى على اليسرى.
أمّا الجهة الأُولى : فقد ذكر المحقق الهمداني قدسسره أن الصحيحة ومؤيداتها لا تصلح أن تكون مقيدة لتلك المطلقات الكثيرة الواردة في محل الحاجة ، وأن رفع اليد عن إطلاق الآية والروايات بالتزام إهمالهما أو احتفائهما بقرائن حالية أو مقالية ، أو بالتزام كونها مسوقة لبيان الحكم الظاهري دون التكليف الواقعي ، أو غير ذلك مما يصحح به تأخير ذكر القيد عن وقت الحاجة في مثل هذا الحكم العام البلوى ، ليس بأهون من حمل الأمر في هذه الصحيحة ومؤيداتها على الاستحباب (٢).
ولكن الظاهر أن الأمر ليس كما أُفيد ، لأنه لا محذور في تقديم الصحيحة على كل من إطلاقي الآية والروايات ، أما إطلاق الآية المباركة فلأنه ما من إطلاق كتابي إلاّ وهو مقيد بشيء ، حيث إنه سبحانه لم يتعرّض للخصوصيات المعتبرة في كل عبادة أو معاملة ، بل إنما أوكل بيانها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأوصيائه عليهمالسلام فلا مانع من رفع اليد عن إطلاق الآية المباركة بتلك الصحيحة أبداً.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٥٠ / أبواب الوضوء ب ٣٤ ح ٥ ، الاحتجاج : ٤٩٢.
(٢) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ١٦٢ السطر ١٦.