وأمّا إطلاقات الأخبار البيانية الآمرة بمسح الرأس والرجلين فهي كإطلاق الآية المباركة ، وقد عرفت أنه لم ترد لبيان الكيفيات المعتبرة في المسح ، فلا محذور في تقديم الصحيحة عليها.
والعمدة في المقام هي الروايات المتكفلة لبيان الترتيب المعتبر بين أفعال الوضوء لأنها مع كونها في مقام البيان لم يتعرض للترتيب المعتبر في مسح الرجلين ، بل إنما أمرت بالبدء بما بدأ الله به من غسل الوجه أوّلاً ثم غسل اليدين ثم مسح الرأس والرجلين.
ويمكن الجواب عن ذلك بأن عدم تعرض الرواة لكيفية مسح الامام عليهالسلام مع أنه قد مسحهما بكيفية من الكيفيات لا محالة ، لاستحالة تحقق المسح المطلق خارجاً ، إنما هو من جهة عدم كون مسحه عليهالسلام مغايراً عن الطريقة المتعارفة المرسومة عند الناس ، أعني مسح اليمنى قبل مسح اليسرى ، فلعله لأجل كونه على الوجه المتعارف لم يتعرضوا لنقل كيفيته ، فلو كان عليهالسلام قد مسحهما على النحو غير المتعارف كمسحهما معاً مثلاً ، أو بتقديم اليسرى على اليمنى لنقلوها لا محالة. فلو ادّعى مدّعٍ القطع بأن الترتيب المعتبر لو كان على غير الطريقة المتعارفة لنقله الرواة لا محالة ، لم يكن دعواه دعوى بعيدة ، وعليه فإطلاق هذه الروايات وسكوتها عن التعرض للترتيب وهي في مقام البيان دليل على ما أشرنا إليه من اعتبار الترتيب المتعارف في مسح الرجلين ، ومع الإغماض عن ذلك فالقدر المتيقن أنها غير متكفلة إلاّ للترتيب الوارد في الكتاب ، وليست بصدد بيان غيره من الكيفيات المعتبرة في الوضوء. ومن هنا لم يتعرّض في جملة من الروايات لبيان الترتيب المعتبر في غسل اليدين ، مع أن الترتيب بينهما مما لا كلام في اعتباره.
فالمتحصل أنه لا مانع من تقييد الإطلاقات المذكورة بالصحيحة المتقدمة ، وبذلك يظهر ضعف القول الأشهر وسقوطه عن الاعتبار.