نجد فيها ما يدلنا على ما نحن بصدده ، إلاّ رواية واحدة وهي مرسلة الصدوق قدسسره كما يأتي ذكرها.
وأما بقية الروايات المذكورة فلا دلالة لها على ذلك بوجه ، لأنها إنما تدل على وجوب أخذ البلّة من اللحية أو الحاجبين لمن نسي المسح حتى دخل في الصلاة ، وأما وجوب الأخذ من بلّة اليد ما دامت مبتلة فلا يكاد يستفاد منها بوجه ، فلا دلالة لها على أن الأخذ من بلّة اللحية مثلاً إنما هو فيما إذا لم تكن اليد مبتلة وأما إذا كانت مبتلة فلا يجوز المسح ببلّة اللحية مثلاً فلا يمكن استفادتها منها كما عرفت ، فالاستدلال بها على تقييد المطلقات غير تام ، هذا.
على أن التمسك بإطلاقاتها غير صحيح في نفسه ، وذلك مضافاً إلى أن الغالب يبوسة بلّة اليد في من نسي المسح ودخل في الصلاة ، أن الروايات المذكورة قد دلت على وجوب الأخذ من بلّة اللحية والحاجبين ، وهذا مما يلائم الإطلاق أبداً ، لوضوح أن في صورة وجود البلّة في اليد لا يجب أخذ البلّة من اللحية أو غيرها بلا كلام ، وإنما الكلام في جوازه وعدمه ، وأما الوجوب فهو مقطوع العدم حينئذٍ كما لا يخفى.
أضف إلى ذلك أن أكثرها ضعيفة الاسناد فلاحظ ، فاطلاقات تلك الروايات غير قابلة للاعتماد عليها أبداً.
وأما مرسلة الصدوق عن الصادق عليهالسلام « إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلّة وضوئك ، فان لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شيء فخذ ما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يكن لك لحية ، فخذ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يبق من بلّة وضوئك شيء أعدت الوضوء » (١) فلا بأس بدلالتها على المدعى مع الغض عن سندها.
نعم ، الأصحاب غير ملتزمين بالترتيب الوارد في الرواية ، أعني الترتيب بين الأخذ من بلّة اللحية والحاجبين ، ولعل ذكر اللحية أوّلاً من جهة أن بقاء البلّة فيها
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٠٩ / أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٨.