يبوسة اليد حتى نتمسك بها في إثبات جواز المسح ببلّة أعضاء الوضوء ، لوضوح أن كفاية المسح ببلّة غير اليد وقتئذٍ يحتاج إلى دليل ، ولم يقم دليل إلاّ على كفاية المسح ببلّة اللحية فحسب ، فلا مناص من الاقتصار عليه والحكم بعدم جواز المسح ببلّة غيرها من الأعضاء.
ثانيهما : أنه على تقدير التنازل وتسليم صحة الرجوع إلى المطلقات في غير الصورة المتيقنة من تقييدها ، وهي صورة رطوبة اليد ، أعني ما إذا لم يتمكّن المتوضئ من المسح ببلّة اليد ، فالمطلقات غير منطبقة على ما نحن فيه ، وذلك لضرورة أن عدم التمكن من المسح ببلّة اليد الذي عرفت أنه جزء للمأمور به يختص بالوضوء المأتي به ولا يعم طبيعي الوضوء ، لوضوح أن المكلف يتمكّن من أن يأتي بفرد آخر من الوضوء ويمسح فيه ببلّة يده ، وما سلمناه من شمول المطلق لصورة العجز من الجزء أو القيد فإنما هو فيما إذا كان العجز وعدم التمكن من إتيانه غير مختص بفرد دون فرد ، كما إذا عجز عن إتيانه بين المبدأ والمنتهى على ما شرحنا تفصيله في بحث الأُصول ، وحيث إن المكلّف في المقام متمكن من إتيان الجزء المعتبر في المأمور به في ضمن فرد آخر من أفراد الطبيعي المأمور به فلا وجه لدعوى شمول المطلقات للفرد الناقص بوجه.
وأُخرى يستدل على عدم تعيّن المسح ببلّة اللحية بمرسلة الصدوق المتقدِّمة (١) بتقريب أن ظاهرها أن المدار على المسح ببلّة الوضوء كما في قوله « فامسح عليه وعلى رجليك من بلّة وضوئك » بلا فرق في ذلك بين بلّة عضو وبلّة عضو آخر. وأما الترتيب الذي أُشير إليه في المرسلة من المسح ببلّة اللحية أوّلاً ، فالظاهر أنه من جهة أن اللحية تشتمل على البلّة أكثر مما يشتمل عليه غيرها من الأعضاء ، فيكون جفافها بعد جفاف بقية الأعضاء ، ومن هنا لم يقل : فاذا لم تكن بلّة في لحيتك فخذ من حاجبيك ، لأنه بعيد عادة ، وإنما قال : « وإن لم يكن لك لحية » ، هذا.
وظهور المرسلة في المدعى وإن كان غير قابل للإنكار ، غير أن ضعف سندها بالإرسال مانع عن الاعتماد عليها في مقام الاستدلال.
__________________
(١) في ص ١٧٧.