بالوجوب والاستحباب معاً ، ومع وجود الغاية الواجبة لا يكون إلاّ واجباً ، لأنه على فرض صحّته لا ينافي جواز قصد الأمر الندبي ، وإن كان متصفاً بالوجوب فالوجوب الوصفي لا ينافي الندب الغائي ، لكن التحقيق صحّة اتصافه (*) فعلاً بالوجوب والاستحباب من جهتين.
______________________________________________________
الغايات الواجبة أو المستحبة كلها ، إلاّ أنه لا يقع امتثالاً إلاّ لخصوص الغاية الواجبة التي أتى به لأجلها ، أعني الغاية المقصودة له ، وأما غيرها من الغايات غير المقصودة له فلا تقع امتثالاً لها ، لعدم قصدها على الفرض ، وإن كانت تقع صحيحة لتحقق ما هو مقدّمتها على الفرض.
وكذلك الحال في الغايات المستحبة ، لأنه إنما يثاب بخصوص الغاية المندوبة التي قصدها دون غيرها لعدم قصد امتثالها ، وإن كانت كالواجبة تترتب عليه لا محالة لحصول ما هو مقدمتها كما مر.
وثالثة تختلف الغايات المقصودة من الوضوء المأتي به ، فيكون بعضها من الغايات الواجبة المستحبة وذلك كالوضوء بعد الفجر ، حيث إن له غايتان : إحداهما : نافلة الفجر المستحبة. وثانيتهما : صلاة الفجر الواجبة ، وفي هذه الصورة قد يأتي به المكلف بقصد كلتا الغايتين ، ولا إشكال في صحته وقتئذٍ ، ويجوز له الدخول في كل من الغايتين المذكورتين ، لاندكاك الأمر الاستحبابي في الأمر الوجوبي ، وقد يأتي به بقصد الغاية الواجبة ، وفي هذه الصورة أيضاً لا إشكال في صحته وجواز دخوله في كلتا الغايتين.
أمّا دخوله في الغاية الواجبة فالوجه فيه ظاهر ، وأمّا دخوله في المستحبة ، فلأجل حصول ما هو مقدّمتها في نفسها ، وإنما الخلاف والنزاع فيما إذا أتى به بقصد الغاية المستحبة فهل يحكم حينئذٍ بصحة وضوئه ، ويسوغ له الدخول في كلتا الغايتين
__________________
(*) بل التحقيق انّ المقدمة لا تتصف بشيءٍ من الوجوب أو الاستحباب الغيري ، وأنّ عبادية الوضوء انما هي لاستحبابه في نفسه ، ولو سلّم ، فالأمر الاستحبابي يندك في الوجوبي فيمكن التقرّب به بذاته لا بحدّه.