ذلك الوقت ، ولم يكن أمره بالمجاملة لأجل عدم انتشار تشيّعهم من الناس ، وإنما كان مستنداً إلى تأديبهم بالأخلاق الحسنة ليمتازوا بها عن غيرهم ويعرفوا الشيعة بالأوصاف الجميلة وعدم التعصب والعناد واللجاج وتخلقهم بما ينبغي أن يتخلق به حتى يقال : رحم الله جعفراً ما أحسن ما أدب أصحابه.
كما ورد في رواية زيد الشحام عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : « يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم ، صلّوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا ، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية ، رحم الله جعفراً ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه ، وإذا تركتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفرية فعل الله بجعفر ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه » (١).
وقد ورد في صحيحة عبد الله بن سنان أنه قال : « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أُوصيكم بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا ، إن الله عزّ وجلّ يقول في كتابه ( وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً ) ثم قال : عودوا مرضاهم واحضروا جنائزهم واشهدوا لهم وعليهم ، وصلّوا معهم في مساجدهم حتى يكون التمييز وتكون المباينة منكم ومنهم » (٢).
وعلى ذلك لا يتوقف جواز الصلاة معهم على ترتب أي ضرر على تركه ولو احتمالاً ، وهذا قسم خاص من التقيّة فلنعبر عنه بالتقية بالمعنى الأعم ، لمكان أنها أعم من التقيّة بالمعنى العام ، إذ لا يعتبر في ذلك ما كان يعتبر في ذلك القسم من خوف الضرر واحتماله على تقدير تركها ، بل هذا القسم خارج من المقسم ، لعدم اعتبار احتمال الضرر في تركه.
هذا ، وفي بعض الكلمات أن الأخبار الآمرة بالصلاة معهم وحضور مجالسهم
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٣٠ / أبواب صلاة الجماعة ب ٧٥ ح ١.
(٢) الوسائل ٨ : ٣٠١ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥ ح ٨ ، ١٢ : ٧ / أبواب أحكام العشرة ب ١ ح ٦.