الضرر على تركها ، بل قد عرفت أن حملها على تلك الصورة حمل لها على مورد نادر لبعد أن يكون ترك الحضور في مساجدهم أو ترك الصلاة معهم مرة أو مرتين أو أكثر مستلزماً لاشتهاره بالتشيّع ومعروفيته به ، أو لأمر آخر موجب لتضرره.
نعم ، إذا ترك ذلك بالكلية أمكن أن يستلزم الضرر ، بل قد قدمنا أن ظاهر هذه الروايات هو الحث والترغيب إلى إظهار الموافقة معهم في الصلاة أو في غيرها من الأعمال بالقدرة والاختيار ، لا من جهة الخوف والالتجاء والتقيّة.
وقد ورد أن الصلاة معهم من حيث الأثر والثواب كالصلاة خلف من يقتدى به حيث قال عليهالسلام « يحسب لك إذا دخلت معهم وإن كنت لا تقتدي بهم مثل ما يحسب لك إذا كنت مع من يقتدى به » (١) وهو أيضاً غير مقيد بصورة خوف الضرر عند ترك الصلاة معهم ، فجواز الحضور عندهم أو الصلاة معهم وعيادة مرضاهم وغير ذلك من الأُمور الواردة في الروايات غير مقيد بصورة ترتب الضرر على تركها وإنما ذلك من باب المجاملة والمداراة معهم.
ولقد صرح بحكمة تشريع التقيّة في هذه الموارد وعدم ابتنائها على خوف الضرر في صحيحة هشام الكندي قال « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إياكم أن تعملوا عملاً نعير به ، فان ولد السوء يعير والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا عليه شيناً ، صلّوا في عشائرهم (٢) وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم ، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخباء ، قلت : وما الخباء؟ قال : التقيّة » (٣) لدلالتها على أن حكمة المداراة معهم في الصلاة أو غيرها إنما هي ملاحظة المصلحة النوعية واتحاد كلمة المسلمين من دون أن يترتّب ضرر على تركها ، فان ظاهرها معروفية أصحابه عليهالسلام بالتشيّع في
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٩٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥ ح ٣.
(٢) هكذا في الكافي [ ٢ : ١٧٤ / ١١ ] والوسائل وفي الوافي « في عشائركم » راجع المجلّد الخامس ص ٦٨٩ ح ٢.
(٣) الوسائل ١٦ : ٢١٩ / أبواب الأمر والنهي ب ٢٦ ح ٢.