بماء المطر أو بالارتماس في الكر أو غيرهما من المياه المعتصمة ، لبداهة أن الماء وقتئذٍ باق على طهارته وإن لاقى المحل المتنجس ، ومع طهارة الماء لا وجه للحكم ببطلان الوضوء ، كما أن الوضوء إذا كان بالماء القليل لا بدّ في الحكم باعتبار طهارة المحل من القول بنجاسة الغسالة من حين ملاقاتها مع المتنجس ، إذ لو قلنا بطهارتها مطلقاً أو في الغسلة المتعقبة بطهارة المحل كما هو الصحيح ، أو قلنا بنجاستها بعد الانفصال عن المتنجس لا قبله ، لم يكن وجه للمنع عن الوضوء ، لفرض عدم انفعال الماء بالصبّ على الموضع المتنجس إما مطلقاً كما على الأول أو فيما إذا كانت متعقبة بطهارة المحل كما على الثاني كالغسلة الاولى في المتنجس بما لا يعتبر في غسله التعدّد ، أو الغسلة الثانية فيما يعتبر التعدّد في غسله ، فاذا نوى الوضوء في الغسلة الثانية لم يحكم عليه بالبطلان ، لعدم نجاسة الماء حال كونه في اليد أو في غيرها من الأعضاء.
وكيف كان ، لا بدّ على هذا الوجه من التفصيل بين ما إذا كان الماء معتصماً كالكر والمطر وكونه غير معتصم ، وعلى الثاني أيضاً يفصّل بين كون الغسالة متنجسة ما دامت في المحل وكونها طاهرة ، فيلتزم باشتراط الطهارة في المحل فيما إذا كان الماء غير معتصم وكون الغسالة متنجسة في المحل.
الثالث : أصالة عدم التداخل ، وحيث إنّا أُمرنا بغسل المتنجس وتطهيره كما أُمرنا بغسلة الوضوء ، وكل منهما سبب تام لوجوب غسل المحل وقد تحقق السببان معاً وجب الغسل متعدِّداً ، لأن كل سبب يؤثر في إيجاب مسببه مستقلا ، ومعه لا بدّ من غسل مواضع الوضوء أوّلاً ثم الإتيان بغسلة الوضوء ، فان الاكتفاء بالغسلة الواحدة لرفع كل من الحدث والخبث على خلاف الأصل ، وهو أصالة عدم التداخل كما مرّ.
ولا يمكن المساعدة على هذا الاستدلال بوجه ، وذلك لأن عدم التداخل أو التداخل إنما هو فيما إذا كان الأمران مولويين ، كما إذا وجبت كفارتان من جهة الإفطار في نهار شهر رمضان ومن جهة حنث النذر مثلاً ، فيأتي وقتئذٍ مسألة التداخل وعدمه ، فيقال إن كُلا من الأمرين يستدعي امتثالاً مستقلا فتجب عليه كفارتان والاكتفاء بالكفارة الواحدة خروجاً عن عهدة كلا الأمرين على خلاف الأصل ، فإن