موثقة سماعة المتقدِّم « لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيبة نفسه ».
وأُخرى يتوهّم عدم شمول أدلّة حرمة التصرّف لمثل الوضوء من الأنهار الكبيرة من جهة معارضتها بما دلّ على مطهرية الماء وطهارته وعدم انفعاله إلاّ بالتغيّر ، نظراً إلى أن مقتضى إطلاق تلك الأدلة أو عمومها حصول الطهارة بالتوضؤ من مياه الغير.
ويتوجه عليه : أنّا لا ننكر طهورية الماء وعدم انفعاله إلاّ بالتغيّر ، وإنما ننكر مطهريته عند كونه ملك الغير من جهة العنوان الثانوي وهو كونه تصرّفاً في مال الغير من دون إذنه ، وعليه فالأدلّة المذكورة أجنبية عما نحن بصدده وغير معارضة للأدلّة الدالّة على حرمة التصرّف في مال الغير من دون رضاه.
نعم ، حكي عن المجلسي (١) والكاشاني (٢) قدسسرهما الاستدلال على ذلك بما ورد في بعض الروايات من أن الناس في ثلاثة شرع سواء ، الماء والنار والكلاء ومقتضاها جواز التوضؤ والشرب من المياه المملوكة للغير وإن لم يرض به ملاكها.
والجواب عن ذلك : أن الرواية لا بدّ من حملها على المياه التي هي من المباحات غير الداخلة في حيازة أحد وكذا في النار والكلاء ، وإلاّ فظاهرها جواز التصرّف في تلك الأُمور الثلاثة مطلقاً حتى فيما إذا حازها أحد وجعلها في إناء مثلاً ، أو كان التصرّف فيها مستلزماً لتضرّر ملاّكها كشق نهر مملوك لغيره ونحو ذلك ، مع أنه على خلاف الضرورة وخلاف ما بنى عليه العقلاء ، فان الاشتراك في الأموال المذكورة على خلاف الأديان وخلاف الضرورة في ديننا ، وهو من أظهر أنحاء الظلم والعدوان والتعدي لأموال الناس بلا مسوّغ ، فكيف يؤخذ مال الغير من دون إذنه بدعوى أنه ماء أو نار أو كلاء.
وحمل الرواية على خصوص الأنهار الكبار يستلزم تخصيص الأكثر المستهجن ، إذن لا مناص من حملها على الماء أو الكلاء أو النار التي هي من المباحات الأصلية
__________________
(١) ملاذ الأخيار ١١ : ٢٣٣.
(٢) حكى عنه في المستمسك ٢ : ٤٣٣.