الثالث : مثل صبّ الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر لإجرائه وغسل أعضائه ، وفي هذه الصورة وإن كان لا يخلو تصدّي الغير عن إشكال ، إلاّ أنّ الظاهر صحّته ، فينحصر البطلان فيما لو باشر الغير غسله أو أعانه على المباشرة بأن يكون الإجراء والغسل منهما معاً.
______________________________________________________
ولا ينبغي الإشكال في أن ذلك يوجب البطلان لمنافاته اشتراط المباشرة في أعمال المكلف.
ومنها : مرسلة الصدوق قدسسره قال : « كان أمير المؤمنين عليهالسلام إذا توضأ لم يدع أحداً يصب عليه الماء ، فقيل له يا أمير المؤمنين لِمَ لا تدعهم يصبّون عليك الماء؟ فقال : لا أُحب أن أُشرك في صلاتي أحداً ، وقال الله تبارك وتعالى ( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) » (١).
ويتوجه على الاستدلال بها :
أوّلاً : أنها ضعيفة السند بالإرسال.
وثانياً : أنها قاصرة الدلالة على المدعى ، لما مرّ من أن ظاهر الآية المباركة حرمة الإشراك في عبادة الله سبحانه وهل يكون الإشراك مكروهاً ، وإلاّ لم يختص تركه بمن آمن بالله ويوم المعاد ، هذا.
على أن ظاهر الرواية أن عدم حبّه عليهالسلام أن يصب عليه الماء مستند إلى كون الوضوء مقدمة للصلاة ، وأن الإشراك فيه إشراك في الصلاة ، ولازم هذا كراهة الاستعانة في جميع مقدّمات الصلاة حتى تهيئة المكان والمسجد وغيرهما ، لأنه إشراك في الصلاة ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به.
هذا كلّه فيما رواه الصدوق قدسسره في المقنع (٢) والفقيه (٣) على وجه الإرسال.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٧٧ / أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٧ / ٨٥.
(٢) المقنع : ١١.
(٣) الفقيه ١ : ٢٧ / ٨٥.