يوهم أن هذا القسم غير المستقبل وهو داخل في جملته ولو قال ـ ونعمة مستقبلة ـ من غير أن يقول ـ ونعمة تأتي غير محتسبة ـ لكان قوله كافيا إذ النعمة التي ترتجى والنعمة التي لا تحتسب يدخلان تحت قسم المستقبل ، وكان ينبغي أن يقول ـ النعم ثلاث ـ نعمة ماضية. ونعمة حال كونها. ونعمة تأتي مستقبلة. فأحسن الله آثار النعمة الماضية وأبقى عليك النعمة التي أنت فيها ووفر حظك من النعمة التي تستقبلها ـ ألا تراه لو قال ذلك لكان قد طبّق به مفصل الخطاب فافهم ما ذكرناه وقس عليه ..
وقف اعرابي على مجلس الحسن فقال : رحم الله من أعطى من سعة. أو آسى من كفاف. أو آثر من قلة فقال الحسن ما ترك لأحد عذرا فانصرف الأعرابي بخير كثير .. ومن هذا الضرب ما ذكره أبو هلال العسكري في كتابه وذلك أنه أخذ على جميل قوله :
لو أنّ في قلبي كقدر قلامة |
|
حبا وصلتك أو أتتك رسائلي |
فقال أبو هلال إن إتيان الرسائل داخل في جملة الوصل. وليس الأمر كما وقع له فان جميلا انما أراد بقوله ـ وصلتك ـ أي أتيتك زائرا أو قاصدا أو كنت راسلتك مراسلة والوصل لا يخرج عن هذين القسمين إما رسالة أو زيارة .. وقال ابن الاثير ومن أعجب ما شاهدته في هذا الباب ما ذكره أبو العلاء محمد بن غانم المعروف بالغانمي وهو قول العباس بن الأحنف :
وصالكم هجر وهجركم قلا |
|
وعطفكم صدّ وسلمكم حرب |
ثم روى المشار اليه عن أبي القاسم الآمدي أنه قال : إن بعض نقدة الكلام من البلغاء لما سمع هذا البيت قال : والله هذا أحسن من تقسيمات اقليدس. ومن العجب كيف ذكر الغانمي ذلك في كتابه وفاته النظر فيه مع تقدمه في هذه الصناعة. وأعجب منهما جميعا استحسان