القسم الثاني
وهو أن يأتي الكلام سهل المساق عذب المذاق ، حسن الاتساق منحدرا في الأسماع كتحدر الماء المنسجم حتى يكون للجملة من المنثور ، والبيت من الموزون موقعا في النفوس وعذوبة في القلوب ما ليس لغيره مع بعده من التصنع ، وأكثر ما يقع غير مقصود كمثل الكلام الموزون الذي تأتي به الفصاحة في ضمن النثر عفوا كانصاف أبيات وقعت في أثناء الكتاب العزيز ، وفي السنة. وقد وقع من ذلك كثير في الخطب والرسائل ومن (١) أن يكون بيتا أو نصف بيت. وقد وقع في غير القرآن بيتان فصاعدا وليس بشعر وإن لم يقصد. فأما القرآن العزيز فلم يقع فيه من ذلك إلاّ مثل البيت الواحد أو النصف والبيت المفرد لا يسمى شعرا ، وأيضا فإن الشعر إنما سمي شعرا لكونهم شعروا به أي فطنوا. وهذا إنما جاء عفوا في درج الكلام .. فمما ورد من ذلك في القرآن العزيز قوله تعالى : ( وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ ) فوافق هذا في درج الكلام قول امرئ القيس :
امرؤ القيس رهين |
|
مولع بالفتيات |
__________________
(١) كذا في الاصل.