القسم السادس عشر
التجوز بالمجاز عن المجاز :
وهو أن يجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة الى مجاز آخر فيتجوز بالمجاز الأول عن الثاني بعلاقة بينه وبين الثاني.مثال ذلك قوله تعالى : ( وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) ، فإنه مجاز عن مجاز فإن الوطء تجوز عنه بالسر لأنه لا يقع غالبا إلا في السر ، فلما لازم السر في الغالب سمي سرا وتجوز بالسر عن العقد ، لأنه سبب فيه ، فالمصحح للمجاز الأول الملازمة ، والمصحح للمجاز الثاني التعبير باسم المسبب الذي هو السر عن العقد الذي هو سبب كما سمي عقد النكاح نكاحا ، لكونه سببا في النكاح ، وكذلك سمي العقد سرا لأنه سبب في السر الذي هو النكاح ، فهذا مجاز عن مجاز مع اختلاف المصحح فمعنى قوله ـ ولكن لا تواعدوهن سرا ـ لا تواعدوهن عقد نكاح وكذلك قوله : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) قال مجاهد : ومن يكفر بلا إله الا الله فقد حبط عمله فإن حمل قوله على ظاهره كان هذا من مجاز المجاز لأن قول لا إله الا الله مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ والتعبير بلا إله الا الله عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه ، والأول من مجاز التعبير بلفظ السبب عن المسبب ، لأن توحيد اللسان مسبب عن توحيد الجنان.