القسم الثامن عشر
التجوز في الافعال وهو على عشرة أقسام وتحت كل قسم منها
أقسام :
الأول : التجوز بالماضي عن المستقبل تشبيها له في التحقيق ، والعرب تفعل ذلك لفائدة وهو أن الفعل الماضي اذا أخبر به عن المضارع الذي لم يوجد بعد كان أبلغ وآكد وأعظم موقعا وأفخم بيانا ، لأن الفعل الماضي يعطي من المعنى أنه قد كان وجد وصار من الأمور المقطوعة بكونها وحدوثها. ومنه قوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ ) فإنه إنما قال ـ ففزع ـ بلفظ الماضي بعد قوله ـ ينفخ ـ وهو مستقبل للاشعار بتحقق الفزع وثبوته وأنه كائن لا محالة واقع على أهل السموات والارض ، لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل بكونه مقطوعا به. ومن هذا الجنس قوله تعالى : ( وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً ) فبرزوا بمعنى يبرزون يوم القيامة وانما جيء به بلفظ الماضي لان ما أخبر الله به لصدقه وصحته فإنه قد كان ووجد. ومثل ذلك قوله عز اسمه : ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) فأتى هاهنا بمعنى يأتي وإنما حسن فيه لفظ الماضي لصدق إثبات الأمر ودخوله في جملة ما لا بد من حدوثه ووقوعه فصار يأتي بمنزلة أتى ومضى. وكذلك قوله تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) فإنه انما قال ـ