القسم السادس والسبعون
في لام التأكيد
اعلم وفقنا الله وإياك أن علماء علم البيان وعلماء العربية اتفقوا على أن هذه اللام تدخل في الكلام لنوع من المبالغة وذلك أنهم اذا عبروا عن أمر يعز وجوده أو يعظم أمر إحداثه ووقوعه جيء بها محققة لذلك وشاهدة .. فمن ذلك قوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً ). وقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ ) ألا ترى كيف دخلت اللام في آية المطعوم دون آية المشروب ، وإنما جاءت كذلك لأن جعل الماء العذب ملحا ليس بعظيم ، ولأن كثيرا ما إذا جرت المياه العذبة على الأراضي المتغيرة التربة أحالتها إلى الملوحة والمرارة ، فلم يحتج في جعل الماء العذب ملحا ، إلى زيادة تأكيد ، فلذلك لم تدخل عليه لام التأكيد المفيدة زيادة التحقيق ، وأما المطعوم فإن جعله صعب ، فلذلك قرن بلام التأكيد زيادة في تحقيق ، وأما المطعوم فإن جعله صعب ، فلذلك قرن بلام التأكيد زيادة في تحقيق أمره ، وتقرير ايجاده. وكونه هكذا يفعل بكل كلام فيه نوع خصوصية.