القسم الخامس
المؤاخاة
وهي على قسمين : الأول المؤاخاة في المعاني. الثاني المؤاخاة في الألفاظ ويكون للكلام بها رونق ، لأنّ النفس يعرض لها عند الشعور شيء يطلع إلى مناسبة فلا يرد إلا بعد تشوف ، ولا كذلك المباين ، فلذلك يقبح ذكر الشيء مع مباينه في المعنى المذكور فيه. ولذلك قبح قول الكميت :
أم هل ظعائن بالعلياء رافعة |
|
وقد تكامل منها الدّلّ والشّنب |
فإن ـ الدل والشنب ـ لا مناسبة بينهما. وكذلك يقبح الشيء مع مباينه في البناء. ولذلك قبح قول أبي تمام :
مثقّفات سلبن العرب سمرتها |
|
والرّوم رقتها والعاشق القصفا |
وكان ينبغي أن يقول ـ والعشاق قصفها ـ لكن منعه الوزن والقافية فلذلك لا يعاب هذا على الشاعر كما يعاب على الناثر إذ المجال للناثر متسع .. ومما استقبح قول أبي نواس :
ألا يا ابن الذين فنوا فماتوا |
|
أما والله ما ماتوا لتبقى |
وما لك فاعلمن فيها مقام |
|
اذا استكملت آجالا ورزقا |
وكان ينبغي أن يقول ـ وأرزاقا ـ واعلم أن استقباح تباين المباني دون استقباح تباين المعاني.