القسم الحادي والسبعون
العتاب والانذار
وهو دليل بقاء المودة ودوام عقد الالفة والصحبة. والغرض به إزالة ما في النفوس من الوحشة ، لأن بجريانه يظهر ما في القلوب من آثار الجناية ، ويبدو ما في البواطن من تأكيد أسباب العناية إذ لو لا بقاء المودة الخفية لحلت القطيعة بالكلية ، ولم يحتج إلى عتاب ، ولم يرغب في الأعتاب ولهذا قيل :
ويبقى الودّ ما بقي العتاب
ومنه في القرآن العظيم كثير .. فمن ذلك قوله عز وجل : ( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ). وقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ). وقوله تعالى : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى ). وقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ) إلى قوله : ( وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .. وفي القرآن من جميل العتاب شيء كثير ..
وأما الانذار ففي القرآن منه كثير لا يحصى. فمنه قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ).