فصل
وهذه جملة مما احتوى عليه الكتاب العزيز من أقسام الاستعارة وصنوفها نذكرها مفصلة مبينة على حكم ما تقدم من الأقسام الأربعة ، إذ الغرض من هذا الكتاب معرفة ما تضمنه الكتاب العزيز من أنواع البيان وأصناف البديع وفنون البلاغة ، وعيون الفصاحة وأجناس التجنيس .. أما ما جاء في الكتاب العزيز من استعارة المحسوس للمحسوس فآيات كثيرة. منها قوله تعالى : ( وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) إذ المستعار منه النار والمستعار له الشيب والجامع بينهما الانبساط ، ولكنه في النار يقوى. وفي هذه الآية ثلاث فوائد أخر غير الاستعارة.
الفائدة الأولى : أنه سلك في الآية طريق ما أسند فيه الشيء الى الشيء وهو لشيء آخر لما بينه وبين الأول من التعلق ، فيرفع ذكر ما أسند اليه ويؤتى بالذي الفعل له في المعنى منصوبا بعده مبينا ان ذلك الإسناد إلى ذلك الأول إنما كان من أجل هذا.
الفائدة الثانية : بيان ما بينهما من الاتصال كقولهم : طاب زيد نفسا ، وتصبب عرقا وأشباههما فيما تجد الفعل فيه منقولا عن الشيء إلى ما ذلك الشيء من سببه ، فإنّا نعلم أن الاشتعال للشيب في المعنى وهو للرأس في اللفظ كما أن طاب للنفس وتصبب للعرق ، وإن أسند الى ما أسند إليه ،