فصل
اختار القاضي عياض وجماعة أن الاعجاز الظاهر المتحقق إنما هو في الأربعة الأول حسن تأليفه ، والتئام كلمه وفصاحته ووجوه ايجازه ، وبلاغته الخارقة عادات العرب. الثاني : صورة نظمه العجيب الأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب. الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات ، وما لم يكن ، ولم يقع فوجد كما أخبر. الرابع : ما أتى به من اخبار القرون السالفة ، والأمم البائدة والشرائع الدائرة ، وما عدا هذه الأربعة ، وما دلت عليه خصائص تفرّد بها ومآثر يستأثر بحصولها .. وقال قوم : وجوه اعجازه ثمانية ، وقد قدّمناها في الفصل الذي قبل هذا الفصل ، زاد بعضهم على هذا ، ونقص آخرون ..
وقال قوم : اعجازه في خروج الاتيان بمثله عن مقدور البشر .. وقال قوم : اعجازه صرف الله خلقه عن القدر على الإتيان بمثله ، ولو لا ذلك لدخل تحت مقدورهم .. وقد اعترض على هذا القول بوجوه ثلاثة. الأول : أن عجز العرب عن المعارضة لو كان من أجل أن الله تعالى عجزهم عنها ، بعد أن كانوا قادرين عليها لما كانوا مستعظمين لفصاحته ، بل يجب أن يكون تعجبهم من تعذر ذلك عليهم ، بعد أن كان مقدورا لهم كما أن نبيا لو قال معجزتي أني أضع يدي على رأسي ، هذه الساعة ، ويكون ذلك متعذرا عليكم ، ويكون الأمر كما زعم لم