القسم الخامس
الأخبار عن الجماعة بما يتعلق ببعضهم ، وفي خطابهم بما يتعلق ببعضهم وهو في القرآن كثير. من ذلك قوله تعالى : ( ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ ) معناه ثم اتخذ العجل بعض أسلافكم فإن جميع الخلف والسلف لم يتخذوا العجل إلها ، وإنما وجد من بعضهم فصار هذا كقول امرئ القيس :
فإن تقتلونا نقتّلكم وإن |
|
تقصدوا لدم نقصد |
معناه : فإن قتلتم بعضنا نقتّلكم إذ لا يتصوّر أن يقتلوهم بعد استيعاب جميعهم بالقتل ، وهذا الباب كله من مجاز الحذف ، وله قاعدة يتفرع عليها ، وهي إن كان البعض واحدا كان التقدير وإذ فعل أحدكم. ومثاله قوله تعالى : ( وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً ) وان كان البعض أكثر من واحد كان التقدير ، وإذا فعل بعضكم. ومثاله قوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) وكان القائلون لذلك سبعين ، ومن زعم أنه نسب الفعل إليهم لأنهم رضوا به لا يستقيم قوله لأنا نعلم أنهم لم يتفقوا على الرضى في قتل النفس ولا باتخاذ العجل ولا بقولهم ـ ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) ـ ولا بقولهم : ( لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ ) وأيضا فان نسبة الفعل الى الراضي به مجاز وإلى فاعله